صفحة جزء
الساعة التي في يوم الجمعة

فقد تقدم كلام أبي هريرة - رضي الله عنه - مع عبد الله بن سلام وهو قول الأكثر ، ويوجد عند مسلم : أنها ما بين أن يجلس الإمام إلى أن يفرغ من الصلاة ، وقد ناقش هذه المسألة جميع العلماء ، وحكى أقوالهم الزرقاني في شرح الموطأ ، وكلاهما بسند صحيح : إلا أن سند مالك لم يطعن فيه أحمد وسند مسلم قد نقل الزرقاني الكلام فيه ، ومن تكلم عليه ، والذي يلفت النظر ما يتعلق بقيام الساعة في يوم الجمعة من قوله صلى الله عليه وسلم : " وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس " ففيه التصريح بأن الدواب عندها هذا الإدراك الذي تفرق به بين أيام الأسبوع ، وعندها هذا الإيمان بيوم القيامة والإشفاق منه ، وأخذ منه العلماء أن الساعة تكون في يوم الجمعة وفي أوله ، فإذا كان هذا أمرا غيب عنا فقد أخبرنا به - صلى الله عليه وسلم - فعلينا أن نعطي هذا اليوم حقه من الذكر والدعاء ، مما يليق من العبادات إشفاقا أو تزودا لهذا اليوم ، لا أن نجعله موضع النزهة واللعب والتفريط ، وقد يكون إخفاؤها مدعاة للاجتهاد كل اليوم كليلة القدر ، وقد نفهم من هذا كله المعنى الصحيح لحديث : " من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب [ ص: 165 ] بدنة " إلى آخره ، وأن الحق فيه ما ذهب إليه الجمهور على ما سيأتي إن شاء الله عند مناقشة وقت السعي إلى الجمعة .

قال النيسابوري في تفسيره : وكانت الطرقات في أيام السلف وقت السحر وبعد الفجر غاصة بالمبكرين إلى الجمعة يمشون بالسرج . وقيل : أول بدعة أحدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجمعة ، إذ البكور إليها من شدة العناية بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية