قوله تعالى : إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا 
أي : ما تنشأه من قيام الليل أشد مواطأة للقلب ، وأقوم قيلا في التلاوة والتدبر والتأمل ، وبالتالي بالتأثر ، ففيه إرشاد إلى ما يقابل هذا الثقل فيما سيلقى عليه من القول ، فهو بمثابة التوجيه إلى ما يتزود به لتحمل ثقل أعباء الدعوة والرسالة . 
وقد سمعت من الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - قوله : لا يثبت القرآن في الصدر ، ولا يسهل حفظه وييسر فهمه إلا القيام به من جوف الليل ، وقد كان - رحمه الله تعالى - لا يترك ورده من الليل صيفا أو شتاء ، وقد أفاد هذا المعنى قوله تعالى : 
واستعينوا بالصبر والصلاة   [ 2 \ 45 ] ، فكان - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة . 
وهكذا هنا فإن ناشئة الليل كانت عونا له - صلى الله عليه وسلم - على ما سيلقى عليه من ثقل القول . 
مسألة : 
قيل : إن 
قيام الليل كان فرضا عليه - صلى الله عليه وسلم   - قبل أن تفرض الصلوات الخمس ; لقوله   
[ ص: 360 ] تعالى : 
ومن الليل فتهجد به نافلة لك   [ 17 \ 79 ] ، والنافلة : الزيادة ، وقيل : كان فرضا عليه - صلى الله عليه وسلم - وعلى عامة المسلمين ; لقوله تعالى في هذه السورة : 
إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ، ثم خفف هذا كله بقوله : 
فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن ، إلى قوله : 
فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا   [ 73 \ 20 ] . 
ولكنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا عمل عملا داوم عليه ، فكان يقوم الليل شكرا لله كما في حديث 
عائشة    - رضي الله عنها - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009743أفلا أكون عبدا شكورا   " ، وبقي سنة لغيره بقدر ما يتيسر لهم . - والله تعالى أعلم - .