صفحة جزء
تنبيه .

مما يعتبر ذا صلة بهذا المبحث في الجملة ما نقله ابن كثير في التفسير عند كلامه على [ ص: 392 ] قوله تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا [ 5 \ 3 ] .

قال عندها : وقال الإمام أحمد : حدثنا جعفر بن عوف ، حدثنا أبو العميس ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، قال : جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنكم تقرءون آية في كتابكم ، لو علينا يا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا . قال : وأي آية ؟ قال : قوله : اليوم أكملت لكم دينكم ، فقال عمر : والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عشية عرفة في يوم جمعة .

ورواه البخاري ، عن الحسن بن الصباح ، عن جعفر بن عون به ، ورواه أيضا مسلم ، والترمذي ، والنسائي أيضا من طرق عن قيس بن مسلم به . ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية من طريق سفيان الثوري ، عن قيس ، عن طارق ، قال : قالت اليهود لعمر : إنكم تقرءون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا ، فقال عمر : إني لأعلم حين أنزلت ، وأين أنزلت ، وأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزلت : يوم عرفة وأنا والله بعرفة .

وساق عن ابن جرير ، قال كعب : لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم ، فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه .

فقال عمر : أي آية يا كعب ؟ فقال : اليوم أكملت لكم دينكم

فأجابه عمر بما أجاب به سابقا ، وقال : في يوم جمعة ويوم عرفة ، وكلاهما - بحمد الله - لنا عيد .

ونقل عن ابن جرير ، عن ابن عباس قرأ الآية ، فقال يهودي : لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذنا يومها عيدا ، فقال ابن عباس : فإنها نزلت في يوم عيدين اثنين : يوم عيد ، ويوم جمعة .

ومحل الإيراد أن عمر سمع اليهودي يشيد بيوم نزولها ، فقد أقر اليهودي على ذلك ولم ينكر عليه ، ولكن أخبره بالواقع وهو أن يوم نزولها عيد بنفسه بدون أن نتخذه نحن .

وكذلك ابن عباس ; أقر اليهودي على إخباره وتطلعه واقتراحه ، فلم ينكر عليه كما لم ينكر عمر ، مما يشعر أنه لو لم يكن نزولها يوم عيد ، لكان من المحتمل أن تتخذ عيدا . ولكنه صادف عيدا أو عيدين ، فهو تكريم لليوم بمناسبة ما نزل فيه من إكمال الدين [ ص: 393 ] وإتمام النعمة .

قوله تعالى : إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج [ 76 \ 2 ] ، الأمشاج : الأخلاط ، كما قال تعالى : من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب [ 86 \ 7 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية