صفحة جزء
وكل شيء أحصيناه كتابا

قيل المراد بالشيء هنا : أعمال العباد ، أي : أنه بعد قوله : جزاء وفاقا [ 78 \ 26 ] ، أي : وفق أعمالهم بدون زيادة ولا نقص ، قال : وقد أحصينا أعمالهم وكتبناها ، وهذا كقوله تعالى : ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا [ 18 \ 49 ] .

وقوله : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ 50 \ 18 ] ، وقوله : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [ 99 \ 7 - 8 ] ، وقوله : أحصاه الله ونسوه [ 58 \ 6 ] .

واللفظ عام في كل شيء ، ويشهد له قوله تعالى : إنا كل شيء خلقناه بقدر [ 54 \ 49 ] وبقدر فيه معنى الإحصاء ، وفي السنة : حديث القلم المشهور ، وكقوله : وكل شيء أحصيناه في إمام مبين [ 36 \ 12 ] ، وتقدم في سورة " الجن " قوله تعالى : وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا [ 72 \ 28 ] .

وهذه الآية أعظم الدلالات على قدرته تعالى وسعة علمه ، وألا يفوته شيء قط ، وأنه يعلم بالجزئيات علمه بالكليات .

وكما تقدم في سورة " المجادلة " : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم [ 58 \ 7 ] .

[ ص: 412 ] وكذلك التفصيل في قوله : وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين .

التالي السابق


الخدمات العلمية