صفحة جزء
المسألة الثانية : اختلف العلماء في غسل الرجل والمسح على الخف أيهما أفضل ؟ فقالت جماعة من أهل العلم : غسل الرجل أفضل من المسح على الخف ، بشرط أن لا يترك المسح رغبة عن الرخصة في المسح ، وهو قول الشافعي ، ومالك ، وأبي حنيفة ، وأصحابهم ، ونقله ابن المنذر وعن عمر بن الخطاب وابنه رضي الله عنهما . ورواه البيهقي عن أبي أيوب الأنصاري .

وحجة هذا القول أن غسل الرجل هو الذي واظب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في معظم [ ص: 340 ] الأوقات ، ولأنه هو الأصل ، ولأنه أكثر مشقة .

وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن المسح أفضل ، وهو أصح الروايات عن الإمام أحمد ، وبه قال الشعبي ، والحكم ، وحماد .

واستدل أهل هذا القول بقوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض روايات حديث المغيرة بن شعبة : " بهذا أمرني ربي " .

ولفظه في سنن أبي داود عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين ، فقلت : يا رسول الله أنسيت ؟ قال : " بل أنت نسيت ; بهذا أمرني ربي عز وجل " .

واستدلوا أيضا بقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث صفوان بن عسال الآتي إن شاء الله تعالى : " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نمسح على الخفين " الحديث .

قالوا : والأمر إذا لم يكن للوجوب ، فلا أقل من أن يكون للندب ، قال مقيده - عفا الله عنه - : وأظهر ما قيل في هذه المسألة عندي ، هو ما ذكره ابن القيم ، وعزاه لشيخه تقي الدين ، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يتكلف ضد حاله التي كان عليها قدماه ، بل إن كانتا في الخف مسح عليهما ، ولم ينزعهما ، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين ، ولم يلبس الخف ليمسح عليه ، وهذا أعدل الأقوال في هذه المسألة ، اهـ .

ويشترط في الخف : أن يكون قويا يمكن تتابع المشي فيه في مواضع النزول ، وعند الحط والترحال ، وفي الحوائج التي يتردد فيها في المنزل ، وفي المقيم نحو ذلك ، كما جرت عادة لابسي الخفاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية