المسألة الخامسة : اختلف العلماء في 
توقيت المسح على الخفين   . 
فذهب جمهور العلماء إلى توقيت المسح بيوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر . 
وإليه ذهب الأئمة الثلاثة : 
أبو حنيفة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، 
وأحمد  ، وأصحابهم وهو مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود الظاهري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16935ومحمد بن جرير الطبري  ، 
والحسن بن صالح بن حسين    . 
وممن قال به من الصحابة : 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  ، 
وحذيفة  ، 
والمغيرة  ، 
وأبو زيد الأنصاري    . 
وروي أيضا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ، وعن جميعهم . 
وممن قال به من التابعين 
 nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح القاضي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز    . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر    : أكثر التابعين والفقهاء على ذلك . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948أبو عيسى الترمذي    : التوقيت ثلاثا للمسافر ، ويوما وليلة للمقيم هو قول عامة العلماء من الصحابة ، والتابعين ومن بعدهم . 
وقال 
الخطابي    : التوقيت قول عامة الفقهاء ، قاله 
النووي    . 
وحجة أهل هذا القول بتوقيت المسح الأحاديث الواردة بذلك ، فمن ذلك حديث 
علي  رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007395للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم ، يوم وليلة   " ، أخرجه 
مسلم  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه  ، 
وابن   [ ص: 347 ] حبان    . 
ومن ذلك أيضا حديث 
أبي بكرة  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007396أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وللمقيم يوما وليلة ، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما   " ، أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ،   nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان  ، 
والبيهقي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي  في العلل ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12644وابن الجارود  ، 
والأثرم  في سننه ، وصححه 
الخطابي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة  ، وغيرهما . 
ومن ذلك أيضا حديث 
صفوان بن عسال المرادي  قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007397أمرنا ، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناها على طهر ثلاثا إذا سافرنا ، ويوما وليلة إذا أقمنا ، ولا نخلعهما من غائط ، ولا بول ، ولا نوم ، ولا نخلعهما إلا من جنابة   " ، أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي  ، وصححاه ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني  ، 
والبيهقي    . 
قال 
الشوكاني  في " نيل الأوطار " : وحكى 
الترمذي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ، أنه حديث حسن ، ومداره على 
 nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بن أبي النجود  ، وهو صدوق ، سيئ الحفظ ، وقد تابعه جماعة ، ورواه عنه أكثر من أربعين نفسا ، قاله 
ابن منده  ، اهـ . 
وذهبت جماعة من أهل العلم إلى عدم توقيت المسح وقالوا : إن من 
لبس خفيه وهو طاهر ، مسح عليهما ما بدا له ، ولا يلزمه خلعهما إلا من جنابة . 
وممن قال بهذا القول 
مالك  ، وأصحابه ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري    . 
ويروى عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي  ، 
وربيعة  ، وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  في القديم ، وهو مروي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  ، وابنه 
عبد الله  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=27وعقبة بن عامر  رضي الله عنهم . 
وحجة أهل هذا القول ما رواه 
الحاكم  بإسناد صحيح عن 
أنس  رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007398إذا توضأ أحدكم ، فلبس خفيه ، فليمسح عليهما ، وليصل فيهما ، ولا يخلعهما إن شاء ، إلا من جنابة ونحوه   " . وأخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني    . 
وهذا الحديث الصحيح الذي أخرجه 
الحاكم  وغيره ، يعتضد بما رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث الهلالية  ، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - من عدم التوقيت .  
[ ص: 348 ] ويؤيده أيضا ما رواه 
أبو داود  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت  رضي الله عنه ، أنه زاد في حديث التوقيت ما لفظه : ولو استزدناه لزادنا ، وفي لفظ : " لو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسا " ، يعني ليالي التوقيت للمسح . 
وحديث 
خزيمة  هذا الذي فيه الزيادة المذكورة صححه 
 nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان  وغيرهما ، وبه تعلم أن ادعاء 
النووي  في " شرح المهذب " الاتفاق على ضعفه ، غير صحيح . 
وقول 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  رحمه الله . إنه لا يصح عنده لأنه لا يعرف 
للجدلي  سماع من 
خزيمة  ، مبني على شرطه ، وهو ثبوت اللقى . 
وقد أوضح 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج    - رحمه الله - في مقدمة صحيحه ، أن الحق هو الاكتفاء بإمكان اللقى بثبوت المعاصرة ، وهو مذهب جمهور العلماء . 
فإن قيل : حديث 
خزيمة  الذي فيه الزيادة ، ظن فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو استزيد لزاد ، وقد رواه غيره ، ولم يظن هذا الظن ، ولا حجة في ظن صحابي خالفه غيره فيه . 
فالجواب : أن 
خزيمة  هو ذو الشهادتين الذي جعله - صلى الله عليه وسلم - بمثابة شاهدين ، وعدالته ، وصدقه ، يمنعانه من أن يجزم بأنه لو استزيد لزاد إلا وهو عارف أن الأمر كذلك ، بأمور أخر اطلع هو عليها ، ولم يطلع عليها غيره . 
ومما يؤيد عدم التوقيت ما رواه 
أبو داود  ، وقال : ليس بالقوي 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007399عن أبي بن عمارة  رضي الله عنه ، أنه قال : " يا رسول الله أمسح على الخفين ؟ قال : نعم ، قال : يوما ، قال : نعم ، قال : ويومين ، قال : نعم ، قال : وثلاثة أيام ، قال : نعم ، وما شئت "   . 
وهذا الحديث وإن كان لا يصلح دليلا مستقلا ، فإنه يصلح لتقوية غيره من الأحاديث التي ذكرنا . 
فحديث 
أنس  في عدم التوقيت صحيح ، ويعتضد بحديث 
خزيمة  الذي فيه الزيادة ، وحديث 
ميمونة  ، وحديث 
أبي بن عمارة  ، وبالآثار الموقوفة على 
عمر  ، وابنه ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=27وعقبة بن عامر  ، رضي الله عنهم . 
تنبيه 
الذي يظهر لي والله تعالى أعلم أنه لا يمكن الجمع في هذه الأحاديث بحمل   
[ ص: 349 ] المطلق على المقيد ، لأن المطلق هنا فيه التصريح بجواز المسح أكثر من ثلاث للمسافر ، والمقيم ، والمقيد فيه التصريح بمنع الزائد على الثلاث للمسافر واليوم والليلة للمقيم ; فهما متعارضان في ذلك الزائد ، فالمطلق يصرح بجوازه ، والمقيد يصرح بمنعه ، فيجب الترجيح بين الأدلة ، فترجح أدلة التوقيت بأنها أحوط ، كما رجحها بذلك 
 nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر  ، وبأن رواتها من الصحابة أكثر ، وبأن منها ما هو ثابت في صحيح 
مسلم  ، وهو حديث 
علي  رضي الله عنه المتقدم . 
وقد ترجح أدلة عدم التوقيت بأنها تضمنت زيادة ، وزيادة العدل مقبولة ، وبأن القائل بها مثبت أمرا ، والمانع منها ناف له ، والمثبت أولى من النافي . 
قال مقيده - عفا الله عنه - : والنفس إلى ترجيح التوقيت أميل ; لأن الخروج من الخلاف أحوط كما قال بعض العلماء : [ الرجز ] 
إن الأورع الذي يخرج من خلافهم ولو ضعيفا فاستبن 
وقال الآخر : [ الرجز ] 
وذو احتياط في أمور الدين     من فر من شك إلى يقين 
ومصداق ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007221دع ما يريبك إلى ما لا يريبك   " . 
فالعامل بأدلة التوقيت طهارته صحيحة باتفاق الطائفتين ، بخلاف غيره فإحدى الطائفتين تقول ببطلانها بعد الوقت المحدد ، والله تعالى أعلم . 
واعلم أن القائلين بالتوقيت اختلفوا في 
ابتداء مدة المسح   . 
فذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  ، 
وأبو حنيفة  ، وأصحابهما ، 
وأحمد  في أصح الروايتين عنه ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري  ، 
وداود  في أصح الروايتين ، وغيرهم ، إلى أن ابتداء مدة التوقيت من أول حدث يقع بعد لبس الخف ، وهذا قول جمهور العلماء . 
واحتج أهل هذا القول بزيادة رواها 
الحافظ القاسم بن زكريا المطرز  في حديث 
صفوان    : من الحدث إلى الحدث . 
قال 
النووي  في " شرح المهذب " : وهي زيادة غريبة ليست ثابتة . 
واحتجوا أيضا بالقياس وهو أن المسح عبادة مؤقتة ، فيكون ابتداء وقتها من حين جواز فعلها قياسا على الصلاة .  
[ ص: 350 ] وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن ابتداء المدة من حين يمسح بعد الحدث . 
وممن قال بهذا ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور  ، وهو إحدى الروايتين عن 
أحمد  ، 
وداود  ، ورجح هذا القول 
النووي  ، واختاره 
ابن المنذر  ، وحكي نحوه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  رضي الله عنه . 
واحتج أهل هذا القول بأحاديث التوقيت في المسح ، وهي أحاديث صحاح . 
ووجه احتجاجهم بها أن قوله - صلى الله عليه وسلم - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007400يمسح المسافر ثلاثة أيام   " صريح ، في أن الثلاثة كلها ظرف للمسح . 
ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان ابتداء المدة من المسح ، وهذا هو أظهر الأقوال دليلا فيما يظهر لي ، والله تعالى أعلم . 
وفي المسألة قول ثالث ، وهو أن ابتداء المدة من حين لبس الخف ، وحكاه 
الماوردي  والشاشي  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري  ، قاله 
النووي  ، والله تعالى أعلم .