صفحة جزء
المسألة السادسة : اختلف العلماء : هل يكفي مسح ظاهر الخف ، أو لا بد من مسح ظاهره وباطنه .

فذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه يكفي مسح ظاهره .

وممن قال به أبو حنيفة ، وأحمد ، والثوري ، والأوزاعي ، وحكاه ابن المنذر ، عن الحسن ، وعروة بن الزبير ، وعطاء ، والشعبي ، والنخعي ، وغيرهم .

وأصح الروايات عن أحمد أن الواجب مسح أكثر أعلى الخف ، وأبو حنيفة يكفي عنده مسح قدر ثلاثة أصابع من أعلى الخف .

وحجة من اقتصر على مسح ظاهر الخف دون أسفله ، حديث علي رضي الله عنه : " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه " أخرجه أبو داود ، والدارقطني .

قال ابن حجر في " بلوغ المرام " : إسناده حسن .

وقال في " التلخيص " : إسناده صحيح .

[ ص: 351 ] واعلم أن هذا الحديث لا يقدح فيه بأن في إسناده عبد خير بن يزيد الهمداني ، وأن البيهقي قال : لم يحتج بعبد خير المذكور صاحبا الصحيح ، اهـ ; لأن عبد خير المذكور ، ثقة مخضرم مشهور ، قيل إنه صحابي .

والصحيح أنه مخضرم وثقه يحيى بن معين ، والعجلي ، وقال فيه ابن حجر في " التقريب " : مخضرم ثقة من الثانية لم يصح له صحبة .

وأما كون الشيخين لم يخرجا له ، فهذا ليس بقادح فيه باتفاق أهل العلم .

وكم من ثقة عدل لم يخرج له الشيخان !

وذهب الإمام الشافعي - رحمه الله - إلى أن الواجب مسح أقل جزء من أعلاه ، وأن مسح أسفله مستحب .

وذهب الإمام مالك - رحمه الله - إلى أنه يلزم مسح أعلاه وأسفله معا ، فإن اقتصر على أعلاه أعاد في الوقت ، ولم يعد أبدا ، وإن اقتصر على أسفله أعاد أبدا .

وعن مالك أيضا أن مسح أعلاه واجب ، ومسح أسفله مندوب .

واحتج من قال بمسح كل من ظاهر الخف وأسفله ، بما رواه ثور بن يزيد ، عن رجاء بن حيوة ، عن وراد ، كاتب المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح أعلى الخف وأسفله " ، أخرجه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، والدارقطني ، والبيهقي ، وابن الجارود .

وقال الترمذي : هذا حديث معلول ، لم يسنده عن ثور غير الوليد بن مسلم ، وسألت أبا زرعة ومحمدا عن هذا الحديث فقالا : ليس بصحيح ، ولا شك أن هذا الحديث ضعيف .

وقد احتج مالك لمسح أسفل الخف بفعل عروة بن الزبير رضي الله عنهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية