صفحة جزء
المسألة السابعة : أجمع العلماء على اشتراط الطهارة المائية للمسح على الخف ، وأن من لبسهما محدثا ، أو بعد تيمم ، لا يجوز له المسح عليهما .

واختلفوا في اشتراط كمال الطهارة ، كمن غسل رجله اليمنى فأدخلها في الخف قبل أن يغسل رجله اليسرى ، ثم غسل رجله اليسرى فأدخلها أيضا في الخف ، هل يجوز له المسح على الخفين إذا أحدث بعد ذلك ؟ .

[ ص: 352 ] ذهب جماعة من أهل العلم إلى اشتراط كمال الطهارة ، فقالوا في الصورة المذكورة : لا يجوز له المسح لأنه لبس أحد الخفين قبل كمال الطهارة . وممن قال بهذا القول الشافعي وأصحابه ، ومالك وأصحابه ، وإسحاق ، وهو أصح الروايتين عن أحمد .

واحتج أهل هذا القول بالأحاديث الواردة باشتراط الطهارة للمسح على الخفين ، كحديث المغيرة بن شعبة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال : " دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين " فمسح عليهما . متفق عليه ، ولأبي داود عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " دع الخفين فإني أدخلت القدمين الخفين ، وهما طاهرتان " فمسح عليهما .

وعن أبي هريرة عند أحمد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له لما نبهه على أنه لم يغسل رجليه : " إني أدخلتهما وهما طاهرتان " .

وفي حديث صفوان بن عسال المتقدم : " أمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر " الحديث ، إلى غير ذلك من الأحاديث .

وقالوا : والطهارة الناقصة كلا طهارة .

وذهب جماعة من أهل العلم إلى عدم اشتراط كمال الطهارة وقت لبس الخف فأجازوا لبس خف اليمنى قبل اليسرى والمسح عليه ، إذا أحدث بعد ذلك ، لأن الطهارة كملت بعد لبس الخف .

قالوا : والدوام كالابتداء . وممن قال بهذا القول : الإمام أبو حنيفة ، وسفيان الثوري ، ويحيى بن آدم ، والمزني ، وداود . واختار هذا القول ابن المنذر ، قاله النووي .

قال مقيده - عفا الله عنه - : منشأ الخلاف في هذه المسألة هو قاعدة مختلف فيها ، " وهي هل يرتفع الحدث عن كل عضو من أعضاء الوضوء بمجرد غسله ، أو لا يرتفع الحدث عن شيء منها إلا بتمام الوضوء ؟ " ، وأظهرهما عندي أن الحدث معنى من المعاني لا ينقسم ولا يتجزأ ، فلا يرتفع منه جزء ، وأنه قبل تمام الوضوء محدث ، والخف يشترط في المسح عليه أن يكون وقت لبسه غير محدث ، والله تعالى أعلم ، اهـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية