صفحة جزء
قوله تعالى : ولسوف يعطيك ربك فترضى

جاء مؤكدا باللام وسوف ، وقال بعض العلماء : يعطيه في الدنيا من إتمام الدين وإعلاء كلمة الله ، والنصر على الأعداء .

والجمهور : أنه في الآخرة ، وهذا وإن كان على سبيل الإجمال ، إلا أنه فصل في بعض المواضع ، فأعظمها ما أشار إليه قوله تعالى : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا [ 17 \ 79 ] .

وجاء في السنة بيان المقام المحمود ، وهو الذي يغبطه عليه الأولون والآخرون ، كما في حديث الشفاعة العظمى حين يتخلى كل نبي ، ويقول : " نفسي نفسي ، حتى يصلوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول : أنا لها أنا لها " إلخ .

ومنها : الحوض المورود ، وما خصت به أمته غرا محجلين ، يردون عليه الحوض .

ومنها : الوسيلة ، وهي منزلة رفيعة عالية لا تنبغي إلا لعبد واحد ، كما في الحديث : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي وسلوا الله لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد واحد ، وأرجو أن أكون أنا هو " .

وإذا كانت لعبد واحد فمن يستقدم عليها ، وإذا رجا ربه أن تكون له طلب من الأمة طلبها له ، فهو مما يؤكد أنها له ، وإلا لما طلبها ولا ترجاها ، ولا أمر بطلبها له . وهو بلا شك أحق بها من جميع الخلق ، إذ الخلق أفضلهم الرسل ، وهو - صلى الله عليه وسلم - مقدم عليهم في الدنيا ، كما في الإسراء تقدم عليهم في الصلاة في بيت المقدس .

[ ص: 559 ] ومنها : الشفاعة في دخول الجنة ، كما في الحديث : " أنه - صلى الله عليه وسلم - أول من تفتح له الجنة ، وأن رضوان خازن الجنة يقول له : أمرت ألا أفتح لأحد قبلك " .

ومنها : الشفاعة المتعددة حتى لا يبقى أحد من أمته في النار ، كما في الحديث : " لا أرضى وأحد من أمتي في النار " أسأل الله أن يرزقنا شفاعته ، ويوردنا حوضه . آمين .

وشفاعته الخاصة في الخاص في عمه أبي طالب ، فيخفف عنه بها ما كان فيه .

ومنها : شهادتة على الرسل ، وشهادة أمته على الأمم وغير ذلك ، وهذه بلا شك عطايا من الله العزيز الحكيم لحبيبه وصفيه الكريم ، - صلوات الله وسلامه عليه - ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

تنبيه .

اللام في وللآخرة وفي ولسوف للتأكيد وليست للقسم ، وهي في الأول دخلت على المبتدأ ، وفي الثانية المبتدأ محذوف تقديره : لأنت سوف يعطيك ربك فترضى . قاله أبو حيان وأبو السعود .

التالي السابق


الخدمات العلمية