صفحة جزء
قوله تعالى : ومن شر غاسق إذا وقب .

[ ص: 160 ] الغاسق : قيل الليل ، لقوله تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل [ 17 \ 78 ] .

ووقب : أي دخل .

وعليه قول الشاعر :


إن هذا الليل قد غسقا واشتكيت الهم والأرقا



وقول الآخر :


يا طيف هند قد أبقيت لي أرقا     إذ جئتنا طارقا والليل قد غسقا



قال القرطبي : وهذا قول ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم .

وقيل : الغاسق : القمر إذا كان في آخر الشهر ، لحديث عائشة عند الترمذي " أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها : تعوذي من هذا فإنه الغاسق إذا وقب " . أي القمر .

وقائل هذا القول يقول : إنه أنسب لما يجيء بعده من السحر ، لأنه أكثر ما يكون عندهم في آخر الشهر .

ونقل القرطبي عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، أن أهل الريب يتحينون وجبة القمر ، أي سقوطه وغيوبته .

وأنشد قول الشاعر :


أراحني الله من أشياء أكرهها     منها العجوز ومنها الكلب والقمر
هذا يبوح وهذا يستضاء به     وهذه ضمرز قوامة السحر


والضمرز : الناقة المسنة ، والمرأة الغليظة .

والصحيح الأول : الذي هو الليل بشهادة القرآن .

والثاني : تابع له ; لأن القمر في ظهوره واختفائه مرتبط بالليل ، فهو بعض ما يكون في الليل ، وفي الليل تنتشر الشياطين وأهل الفساد ، من الإنسان والحيوان ويقل فيه المغيث إلا الله .

[ ص: 161 ] وفي الحديث : " أطفئوا السرج فإن الفويسقة تضرم على الناس بيوتهم ليلا " . أي : الفأرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية