[ ص: 359 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة النمل 
قوله تعالى إخبارا عن 
بلقيس    : 
وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون   . 
يدل على تعدد رسلها إلى 
سليمان  وقوله : 
فلما جاء سليمان   [ 27 \ 36 ] ، بإفراد فاعل جاء ، وقوله تعالى إخبارا عن 
سليمان  أنه قال : 
ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود الآية [ 27 \ 37 ] ، يدل على أن الرسول واحد . 
والظاهر في الجواب ، هو ما ذكره غير واحد من أن الرسل جماعة ، وعليهم رئيس منهم ، فالجمع نظرا إلى الكل والإفراد نظرا إلى الرئيس ، لأن من معه تبع له ، والعلم عند الله تعالى . 
قوله تعالى : 
ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا   . 
هذه الآية يدل ظاهرها على أن الحشر خاص بهؤلاء الأفواج المكذبة ، وقوله بعد هذا بقليل : 
وكل أتوه داخرين   [ 27 \ 87 ] ، يدل على أن 
الحشر عام ، كما صرحت به الآيات القرآنية عن كثرة . 
والجواب عن هذا ، هو ما بينه 
الألوسي  في تفسيره من أن قوله : 
وكل أتوه داخرين يراد به الحشر العام وقوله : 
ويوم نحشر من كل أمة فوجا أي بعد الحشر العام 
يجمع الله المكذبين للرسل من كل أمة لأجل التوبيخ المنصوص عليه بقوله : 
أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون   [ 27 \ 84 ] ، فالمراد بالفوج من كل أمة الفوج المكذب للرسل يحشر للتوبيخ حشرا خاصا ، فلا ينافي حشر الكل لفصل القضاء ، وهذا الوجه أحسن من تخصيص الفوج بالرؤساء كما ذهب إليه بعضهم . 
قوله تعالى : 
وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب   .  
[ ص: 360 ] هذه الآية تدل بظاهرها على أن الجبال يظنها الرائي ساكنة وهي تسير ، وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الجبال راسية ، والراسي هو الثابت في محل ، كقوله تعالى : 
والجبال أرساها   [ 79 ] ، وقوله : 
وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم   [ 16 \ 15 ] . 
وقوله : 
والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي   [ 15 \ 19 ] ، وقوله : 
وجعلنا فيها رواسي شامخات   [ 77 \ 27 ] . 
ووجه الجمع ظاهر وهو أن قوله : " أرساها " ونحوه ، يعني في الدنيا ، وقوله . 
وهي تمر مر السحاب يعني في الآخرة ، بدليل قوله : 
ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات   [ 27 \ 87 ] ثم عطف على ذلك قوله : 
وترى الجبال الآية . 
ومما يدل على ذلك النصوص القرآنية على أن 
سير الجبال في يوم القيامة ، كقوله تعالى : 
ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة   [ 18 \ 47 ] ، وقوله : 
وسيرت الجبال فكانت سرابا   [ 78 \ 20 ] .