[ ص: 384 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة فصلت 
قوله تعالى : 
قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض   - إلى قوله - 
ثم استوى إلى السماء   . 
تقدم وجه الجمع بينه وبين قوله تعالى : 
والأرض بعد ذلك دحاها   [ 79 30 ] في الكلام على قوله تعالى : 
هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء الآية [ 2 29 ] . 
قوله تعالى : فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين   . 
لا يخفى ما يسبق إلى الذهن من منافاة هذه الحال وصاحبها ، لأنها جمع مذكر عاقل وصاحبها ضمير تثنية لغير عاقل ، ولو طابقت صاحبها في التثنية حسب ما يسبق إلى الذهن ، لقال : أتينا طائعتين . 
والجواب عن هذا من وجهين : 
أحدهما وهو الأظهر عندي ، أن جمعه للسماوات والأرض ، لأن السماوات سبع والأرضين كذلك ، بدليل قوله : 
ومن الأرض مثلهن   [ 65 \ 12 ] ، فالتثنية لفظية تحتها أربعة عشر فردا . 
وأما إتيان الجمع على صيغة جمع العقلاء ، فلأن العادة في اللغة العربية أنه إذا وصف غير العاقل بصفة تختص بالعاقل أجري عليه حكمه ، ومنه قوله تعالى : 
إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين   [ 12 4 ] ، لما كان السجود في الظاهر من خواص العقلاء أجرى حكمهم على الشمس والقمر والكواكب لوصفها به ، ونظيره قوله تعالى : 
قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون   [ 26 \ 71 - 73 ] .  
[ ص: 385 ] فأجرى على الأصنام حكم العقلاء لتنزيل الكفار لها منزلتهم ، ومن هذا المعنى قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=15162قيس بن الملوح    : 
أسرب القطا هل من يعير جناحه   . . . . . 
البيت . 
فإنه لما طلب الإعارة من القطا ، وهي من خواص العقلاء أجرى على القطا اللفظ المختص بالعقلاء لذلك ووجه تذكير الجمع أن السماوات والأرض تأنيثها غير حقيقي . 
الوجه الثاني : أن المعنى : قالتا أتينا بمن فينا طائعين فيكون فيه تغليب العاقل على غيره ، والأول أظهر عندي ، والعلم عند الله تعالى .