صفحة جزء
المسألة السابعة : إذا دل المحرم حلالا على صيد فقتله ، فهل يجب على المحرم جزاء ; لتسببه في قتل الحلال للصيد بدلالته له عليه أو لا ؟ اختلف العلماء في ذلك ، فذهب الإمام أحمد ، وأبو حنيفة إلى أن المحرم الدال يلزمه جزاؤه كاملا ، ويروى نحو ذلك عن علي ، وابن عباس ، وعطاء ، ومجاهد ، وبكر المزني ، وإسحاق ، ويدل لهذا القول سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه : " هل أشار أحد منهم إلى أبي قتادة على الحمار الوحشي ؟ " .

فإن ظاهره أنهم لو دلوه عليه كان بمثابة ما لو صادوه في تحريم الأكل ; ويفهم من [ ص: 441 ] ذلك لزوم الجزاء ، والقاعدة لزوم الضمان للمتسبب إن لم يمكن تضمين المباشر ، والمباشر هنا لا يمكن تضمينه الصيد ; لأنه حلال ، والدال متسبب ، وهذا القول هو الأظهر ، والذين قالوا به منهم من أطلق الدلالة ، ومنهم من اشترط خفاء الصيد بحيث لا يراه دون الدلالة ، كأبي حنيفة ، وقال الإمام الشافعي وأصحابه : لا شيء على الدال .

وروي عن مالك نحوه ، قالوا : لأن الصيد يضمن بقتله ، وهو لم يقتله وإذا علم المحرم أن الحلال صاده من أجله فأكل منه ; فعليه الجزاء كاملا عند مالك ، كما صرح بذلك في " موطئه " ، وأما إذا دل المحرم محرما آخر على الصيد فقتله ، فقال بعض العلماء : عليهما جزاء واحد بينهما ، وهو مذهب الإمام أحمد ، وبه قال عطاء ، وحماد بن أبي سليمان ، كما نقله عنهم ابن قدامة في " المغني " ، وقال بعض العلماء : على كل واحد منهما جزاء كامل ، وبه قال الشعبي ، وسعيد بن جبير ، والحارث العكلي ، وأصحاب الرأي ، كما نقله عنهم أيضا صاحب " المغني " .

وقال بعض العلماء : الجزاء كله على المحرم المباشر ، وليس على المحرم الدال شيء ، وهذا قول الشافعي ، ومالك ، وهو الجاري على قاعدة تقديم المباشر على المتسبب في الضمان ، والمباشر هنا يمكن تضمينه ; لأنه محرم ، وهذا هو الأظهر ، وعليه : فعلى الدال الاستغفار والتوبة ، وبهذا تعرف حكم ما لو دل محرم محرما ، ثم دل هذا الثاني محرما ثالثا ، وهكذا ، فقتله الأخير ، إذ لا يخفى من الكلام المتقدم أنهم على القول الأول شركاء في جزاء واحد .

وعلى الثاني ، على كل واحد منهم جزاء ، وعلى الثالث ، لا شيء إلا على من باشر القتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية