وأما الخيل فقد اختلف في جواز أكلها العلماء :  
[ ص: 526 ] فمنعها 
مالك    - رحمه الله - في أحد القولين ، وعنه أنها مكروهة ، وكل من القولين صححه بعض المالكية ، والتحريم أشهر عندهم . 
وقال 
أبو حنيفة    - رحمه الله : أكره لحم الخيل ، وحمله 
أبو بكر الرازي  على التنزيه ، وقال : لم يطلق 
أبو حنيفة  فيها التحريم ، وليست عنده كالحمار الأهلي . 
وصحح عنه صاحب " المحيط " ، وصاحب " الهداية " ، وصاحب " الذخيرة " التحريم ، وهو قول أكثر الحنفية . 
وممن رويت عنه كراهة لحوم الخيل : 
 nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي  ، 
وأبو عبيد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد بن الوليد    - رضي الله عنه - 
 nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  ، 
والحكم    . 
ومذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  وأحمد    - رحمهما الله تعالى - جواز أكل الخيل ، وبه قال أكثر أهل العلم . 
وممن قال به : 
عبد الله بن الزبير  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16789وفضالة بن عبيد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=64وأسماء بنت أبي بكر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16072وسويد بن غفلة  ، 
وعلقمة  ، 
والأسود  ، 
وعطاء  ، 
وشريح  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان  ، 
وإسحاق  ، 
وأبو يوسف  ، 
ومحمد  ، 
وداود  ، وغيرهم . 
كما نقله عنهم 
النووي  ، في " شرح المهذب " ، وسنبين - إن شاء الله - حجج الجميع ، وما يقتضي الدليل رجحانه . 
اعلم أن من منع 
أكل لحم الخيل احتج بآية وحديث : 
أما الآية ، فقوله تعالى : 
والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة الآية [ 16 \ 8 ] ، فقال : قد قال تعالى : 
والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون   [ 16 \ 5 ] ، فهذه للأكل ، وقال : 
والخيل والبغال والحمير لتركبوها ، فهذه للركوب لا للأكل ، وهذا تفصيل من خلقها وامتن بها ، وأكد ذلك بأمور : 
أحدها : أن اللام للتعليل ، أي خلقها لكم لعلة الركوب والزينة ، لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر ، فإباحة أكلها تقتضي خلاف ظاهر الآية . 
ثانيها : عطف البغال والحمير عليها ، فدل على اشتراكها معهما في حكم التحريم . 
ثالثها : أن الآية الكريمة سيقت للامتنان ، وسورة النحل تسمى سورة الامتنان .  
[ ص: 527 ] والحكيم لا يمتن بأدنى النعم ، ويترك أعلاها ، لا سيما وقد وقع الامتنان بالأكل في المذكورات قبلها . 
رابعها : لو أبيح أكلها لفاتت المنفعة بها فيما وقع به الامتنان من الركوب والزينة . 
وأما الحديث : فهو ما رواه الإمام 
أحمد  ، 
وأبو داود  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد    - رضي الله عنه - قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007591نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير   " . 
ورد الجمهور الاستدلال بالآية الكريمة ، بأن آية النحل نزلت في 
مكة  اتفاقا ، والإذن في أكل الخيل يوم 
خيبر  كان بعد الهجرة من 
مكة  بأكثر من ست سنين ، فلو فهم النبي - صلى الله عليه وسلم - المنع من الآية لما أذن في الأكل ، وأيضا آية النحل ليست صريحة في منع أكل الخيل ، بل فهم من التعليل ، وحديث 
جابر  ، وحديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر  المتفق عليهما ، كلاهما صريح في جواز أكل الخيل ، والمنطوق مقدم على المفهوم كما تقرر في الأصول . 
وأيضا فالآية على تسليم صحة دلالتها المذكورة ، فهي إنما تدل على ترك الأكل ، والترك أعم من أن يكون للتحريم أو للتنزيه ، أو خلاف الأولى ، وإذا لم يتعين واحد منها بقي التمسك بالأدلة المصرحة بالجواز . 
وأيضا فلو سلمنا أن اللام للتعليل ، لم نسلم إفادة الحصر في الركوب والزينة . فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما ، وفي غير الأكل اتفاقا ، وإنما ذكر الركوب والزينة ; لكونهما أغلب ما تطلب له الخيل . 
ونظيره حديث البقرة المذكور في " الصحيحين " حين خاطبت راكبها فقالت : " إنا لم نخلق لهذا ، إنا خلقنا للحرث " ، فإنه مع كونه أصرح في الحصر ، لم يقصد به إلا الأغلب ، وإلا فهي تؤكل وينتفع بها في أشياء غير الحرث اتفاقا . 
وأيضا فلو سلم الاستدلال المذكور للزم منع حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير للحصر المزعوم في الركوب والزينة ، ولا قائل بذلك . 
وأما الاستدلال بعطف الحمير والبغال عليها ، فهو استدلال بدلالة الاقتران ، وقد ضعفها أكثر العلماء من أهل الأصول ، كما أشار له في " مراقي السعود " بقوله : [ الرجز ] 
أما قران اللفظ في المشهور فلا يساوي في سوى المذكور  
[ ص: 528 ] وأما الاستدلال بأن الآية الكريمة سيقت للامتنان : فيجاب عنه بأنه قصد به ما كان الانتفاع به أغلب عند العرب ، فخوطبوا بما عرفوا وألفوا ، ولم يكونوا يألفون أكل الخيل لعزتها في بلادهم ، وشدة الحاجة إليها في القتال ، بخلاف الأنعام : فأكثر انتفاعهم بها كان لحمل الأثقال ، وللأكل ; فاقتصر في كل من الصنفين على الامتنان بأغلب ما ينتفع به فيه . 
فلو لزم من ذلك الحصر في هذا الشق للزم مثله في الشق الآخر كما قدمنا . 
وأما الاستدلال بأن الإذن في أكلها ، سبب لفنائها وانقراضها : 
فيجاب عنه : بأنه أذن في أكل الأنعام ولم تنقرض ، ولو كان الخوف عن ذلك علة لمنع في الأنعام لئلا تنقرض ، فيتعطل الانتفاع بها في غير الأكل ، قاله 
ابن حجر    . 
وأما الاستدلال بحديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد    - رضي الله عنه : فهو مردود من وجهين : 
الأول : أنه ضعفه علماء الحديث ، فقد قال 
ابن حجر  في " فتح الباري " في باب " لحوم الخيل " ما نصه : " وقد ضعف حديث 
خالد  أحمد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=17182وموسى بن هارون  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني  ، 
والخطابي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر  ، 
وعبد الحق  ، وآخرون . 
وقال 
النووي  في " شرح المهذب " : واتفق العلماء من أئمة الحديث وغيرهم ، على أن حديث 
خالد  المذكور حديث ضعيف ، وذكر أسانيد بعضهم بذلك ، وحديث 
خالد  المذكور مع أنه مضطرب ، في إسناده 
صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب  ، ضعفه غير واحد ، وقال فيه 
ابن حجر  في " التقريب " : لين ، وفيه أيضا : والده 
يحيى  المذكور ، الذي هو شيخه في هذا الحديث ، قال فيه في " التقريب " : مستور . 
الوجه الثاني : أنا لو سلمنا عدم ضعف حديث 
خالد  ، فإنه معارض بما هو أقوى منه ، كحديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله    - رضي الله عنهما - قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007592نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر  عن لحوم الحمر ، ورخص في لحوم الخيل   " ، وفي لفظ في " الصحيح " : " وأذن في لحوم الخيل " ، وكحديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر الصديق    - رضي الله عنها - قالت : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007593نحرنا فرسا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكلناه   " متفق عليهما . 
ولا شك في أنهما أقوى من حديث 
خالد  ، وبهذا كله تعلم أن الذي يقتضي الدليل الصريح رجحانه إباحة أكل لحم الخيل ، والعلم عند الله تعالى ، ولا يخفى أن الخروج من الخلاف أحوط ، كما قال بعض أهل العلم : [ الرجز ]  
[ ص: 529 ] وإن الأورع الذي يخرج من خلافهم ولو ضعيفا فاستبن 
ومن ذلك 
الكلب   : فإن أكله حرام عند عامة العلماء ، وعن 
مالك  قول ضعيف جدا بالكراهة . 
ولتحريمه أدلة كثيرة ، منها : ما تقدم في ذي الناب من السباع ; لأن الكلب سبع ذو ناب ، ومنها أنه لو جاز أكله لجاز بيعه ، وقد ثبت النهي عن ثمنه في " الصحيحين " من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود الأنصاري  ، مقرونا بحلوان الكاهن ، ومهر البغي ، وأخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  من حديث 
أبي جحيفة  ، وأخرجه 
مسلم  من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج    - رضي الله عنه - بلفظ : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007594ثمن الكلب خبيث   " ، الحديث ، وذلك نص في التحريم لقوله تعالى : 
ويحرم عليهم الخبائث الآية [ 7 \ 157 ] . 
فإن قيل : ما كل خبيث يحرم ; لما ورد في الثوم أنه خبيث ، وفي كسب الحجام أنه خبيث ، مع أنه لم يحرم واحد منهما . 
فالجواب : أن ما ثبت بنص أنه خبيث كان ذلك دليلا على تحريمه ، وما أخرجه دليل يخرج ، ويبقى النص حجة فيما لم يقم دليل على إخراجه ، كما هو الحكم في جل عمومات الكتاب والسنة ، يخرج منها بعض الأفراد بمخصص ، وتبقى حجة في الباقي ، وهذا مذهب الجمهور ، وإليه أشار في " مراقي السعود " بقوله : [ الرجز ] 
وهو حجة لدى الأكثر إن مخصص له معينا يبن 
فإن قيل : تحريم الخبائث لعلة الخبث ، وإذا وجد خبيث غير محرم كان ذلك نقضا في العلة لا تخصيصا لها . 
فالجواب : أن أكثر العلماء على أن النقض تخصيص للعلة ، لا إبطال لها ، قال في " مراقي السعود " : [ الرجز ] 
منها وجود الوصف دون الحكم سماه بالنقض وعاة العلم والأكثرون عندهم لا يقدح بل هو تخصيص وذا مصحح 
إلخ . . . . كما حررناه في غير هذا الموضع . 
ومن الأدلة على تحريم الكلب : ما ثبت في " الصحيحين " من الأحاديث الصريحة في تحريم اقتنائه ، وأن اقتناءه ينقص أجر مقتنيه كل يوم ، فلو كان أكله مباحا ، لكان اقتناؤه   
[ ص: 530 ] مباحا . 
وإنما رخص - صلى الله عليه وسلم - في كلب الصيد ، والزرع ، والماشية ; للضرورة ، فمن ذلك ما أخرجه الشيخان من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة    - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007595من اتخذ كلبا ، إلا كلب صيد ، أو زرع ، أو ماشية انتقص من أجره كل يوم قيراط   " ، ومنه أيضا ما أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " من حديث 
سفيان بن أبي زهير الشنائي    - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007596من اقتنى كلبا لا يغني عنه زرعا ، ولا ضرعا نقص من عمله كل يوم قيراط   " ، ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  بثلاث طرق بلفظ : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007597نقص كل يوم من عمله قيراطان   " ، وأخرجه 
مسلم  أيضا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  من طرق في بعضها قيراط ، وفي بعضها قيراطان . 
والأحاديث في الباب كثيرة ، وهذا أوضح دليل على أن الكلب لا يجوز أكله ، إذ لو جاز أكله لجاز اقتناؤه للأكل ، وهو ظاهر ، ومن ذلك ما ثبت في " صحيح 
مسلم    " من حديث 
جابر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=5078وعبد الله بن المغفل    - رضي الله عنهم : من أنه - صلى الله عليه وسلم - 
أمر بقتل الكلاب ، ولو كانت مباحة الأكل لما أمر بقتلها ، ولم يرخص - صلى الله عليه وسلم - فيها إلا لضرورة الصيد ، أو الزرع ، أو الماشية . 
وإذا عرفت أن في كلب الصيد ، وما ذكر معه ، بعض المنافع المباحة ، كالانتفاع بصيده ، أو حراسته الماشية ، أو الزرع ، فاعلم أن العلماء اختلفوا في بيعه . 
فمنهم من قال : بيعه تابع للحمه ، ولحمه حرام ; فبيعه حرام ، وهذا هو أظهر الأقوال دليلا ; لما قدمنا من أن ثمن الكلب خبيث ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه ، مقرونا بحلوان الكاهن ، ومهر البغي ، وهو نص صحيح صريح في منع بيعه . 
ويؤيده ما رواه 
أبو داود  بإسناد صحيح من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    - رضي الله عنهما - مرفوعا ، قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007598نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب " ، وقال : " إن جاء يطلب ثمن الكلب ، فاملأ كفه ترابا   " . 
قال 
النووي  في " شرح المهذب " ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16609وابن حجر  في " الفتح " : إسناده صحيح ، وروى 
أبو داود  أيضا من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  مرفوعا : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007599لا يحل ثمن الكلب ، ولا حلوان الكاهن ، ولا مهر البغي   " ، قال 
ابن حجر  في " الفتح " : إسناده حسن ، وقال 
النووي  في " شرح المهذب " : إسناده حسن صحيح .  
[ ص: 531 ] وإذا حققت ذلك ، فاعلم أن القول بمنع 
بيع الكلب الذي ذكرنا أنه هو الحق ، عام في المأذون في اتخاذه وغيره ; لعموم الأدلة ، وممن قال بذلك : 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي  ، 
وربيعة  ، 
والحكم  ، 
وحماد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، 
وأحمد  ، 
وداود  ، 
وابن المنذر  ، وغيرهم ، وهو المشهور الصحيح من مذهب 
مالك  ، خلافا لما ذكره 
القرطبي  في " المفهم " : من أن مشهور مذهبه الكراهة ، وروي عن 
مالك  أيضا جواز 
بيع كلب الصيد ونحوه ، دون الذي لم يؤذن في اتخاذه ، وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون    ; لأنه قال : أبيع كلب الصيد وأحج بثمنه . 
وأجاز بيعه 
أبو حنيفة  مطلقا إن كانت فيه منفعة من صيد ، أو حراسة لماشية مثلا ، وحكى نحوه 
ابن المنذر  عن 
جابر  ، 
وعطاء  ، 
والنخعي  ، قاله 
النووي    . 
وإن قتل الكلب الماذون فيه ككلب الصيد ، ففيه القيمة عند 
مالك  ، ولا شيء فيه عند 
أحمد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، وأوجبها فيه 
أبو حنيفة  مطلقا إن كانت فيه منفعة . 
وحجة من قال : لا قيمة فيه ، أن القيمة ثمن ، والنص الصحيح نهى عن ثمن الكلب ، وجاء فيه التصريح بأن طالبه تملأ كفه ترابا ، وذلك أبلغ عبارة في المنع منه . 
واحتج من أوجبها بأنه فوت منفعة جائزة فعليه غرمها . 
واحتج من أجاز بيع الكلب ، وألزم قيمته إن قتل ، بما روي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة    - رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007600نهى عن ثمن الكلب إلا كلب صيد   " ، وعن 
عمر    - رضي الله عنه : أنه غرم رجلا عن كلب قتله عشرين بعيرا ، وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص    : أنه قضى في كلب صيد قتله رجل بأربعين درهما ، وقضى في كلب ماشية بكبش   . 
واحتجوا أيضا بأن الكلب المأذون فيه تجوز الوصية به ، والانتفاع به ، فأشبه الحمار . 
وأجاب الجمهور بأن الأحاديث والآثار المروية في جواز بيع كلب الصيد ولزوم قيمته كلها ضعيفة . 
قال 
النووي  في " شرح المهذب " ما نصه : " وأما الجواب عما احتجوا به من الأحاديث والآثار فكلها ضعيفة باتفاق المحدثين " ، وهكذا أوضح 
الترمذي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني  ، 
والبيهقي  ضعفها ، والاحتجاج بجواز الوصية به وشبهه بالحمار مردود بالنصوص الصحيحة ، المصرحة بعدم حلية ثمنه ، وما ذكره 
ابن عاصم المالكي  في " تحفته " من قوله : [ الرجز ] 
واتفقوا أن 
كلاب الباديه يجوز بيعها ككلب الماشيه  
[ ص: 532 ] فقد رده عليه - رحمه الله - علماء المالكية ، وقد قدمنا أنه قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون    . 
واعلم أن ما روي عن 
جابر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر  مرفوعا مما يدل على جواز بيع كلب الصيد كله ضعيف ، كما بين تضعيفه 
ابن حجر  في " فتح الباري " في باب " ثمن الكلب " . 
قال 
القرطبي    : وقد زعم ناس أنه لم يكن في العرب من يأكل لحم الكلب إلا قوم من فقعس .