صفحة جزء
قوله تعالى : فما لبث أن جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم الآية ، ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن إبراهيم لما سلم على رسل الملائكة وكان يظنهم ضيوفا من الآدميين أسرع إليهم بالإتيان بالقرى وهو لحم عجل حنيذ أي منضج بالنار ، وأنهم لما لم يأكلوا أوجس منهم خيفة فقالوا لا تخف وأخبروه بخبرهم .

وبين في " الذاريات " : أنه راغ إلى أهله ، أي مال إليهم فجاء بذلك العجل وبين أنه سمين ، وأنه قربه إليهم ، وعرض عليهم الأكل برفق فقال لهم : ألا تأكلون [ 51 \ 27 ] ، وأنه أوجس منهم خيفة وذلك في قوله : هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة الآية [ 51 \ 24 - 28 ] .

تنبيه

يؤخذ من قصة إبراهيم مع ضيفه هؤلاء أشياء من آداب الضيافة : منها تعجيل القرى ; لقوله : فما لبث أن جاء بعجل حنيذ [ 11 \ 69 ] .

ومنها كون القرى من أحسن ما عنده ; لأنهم ذكروا أن الذي عنده البقر وأطيبه لحما الفتي السمين المنصح .

ومنها تقريب الطعام إلى الضيف .

ومنها ملاطفته بالكلام بغاية الرفق ، كقوله ألا تأكلون [ 51 \ 27 ] .

ومعنى قوله نكرهم [ 11 \ 70 ] ، أي : أنكرهم لعدم أكلهم ، والعرب تطلق نكر ، وأنكر بمعنى واحد ، وقد جمعهما قول الأعشى :


وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعا

وروي عن يونس : أن أبا عمرو بن العلاء حدثه : أنه صنع هذا البيت وأدخله في شعر الأعشى ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية