قوله تعالى : وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث   . 
بين الله جل وعلا أنه علم نبيه 
يوسف  من تأويل الأحاديث ، وصرح بذلك أيضا في قوله : 
وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث   [ 12 \ 21 ] . 
وقوله : 
رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث   [ 12 \ 101 ] . 
واختلف العلماء في المراد بتأويل الأحاديث . 
فذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المراد بذلك : 
تعبير الرؤيا ، فالأحاديث على هذا القول هي الرؤيا ، قالوا : لأنها إما حديث نفس ، أو ملك ، أو شيطان . 
وكان 
يوسف  أعبر الناس للرؤيا ، ويدل لهذا الوجه الآيات الدالة على خبرته بتأويل الرؤيا ، كقوله : 
ياصاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان   [ 12 \ 41 ] ، وقوله : 
قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله   [ 12 \ 47 ] إلى قوله : يعصرون [ 12 \ 49 ] . 
وقال بعض العلماء : المراد بتأويل الأحاديث معرفة معاني كتب الله وسنن الأنبياء ، وما غمض وما اشتبه على الناس من أغراضها ومقاصدها ، يفسرها لهم ويشرحها ، ويدلهم على مودعات حكمها . 
وسميت أحاديث ; لأنها يحدث بها عن الله ورسله ، فيقال : قال الله كذا ، وقال رسوله كذا ، ألا ترى إلى قوله تعالى : 
فبأي حديث بعده يؤمنون   [ 7 \ 185 ] . 
وقوله :   
[ ص: 203 ] الله نزل أحسن الحديث الآية [ 39 \ 23 ] ، ويدل لهذا الوجه قوله تعالى : 
ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما   [ 28 \ 14 ] ، وقوله : 
قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي الآية [ 12 \ 37 ] . 
قال مقيده عفا الله عنه : الظاهر أن الآيات المذكورة تشمل ذلك كله من تأويل الرؤيا ، وعلوم كتب الله وسنن الأنبياء ، والعلم عند الله تعالى .