قوله تعالى : 
سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار   . 
بين تعالى في هذه الآية الكريمة : أن السر والجهر عنده سواء ، وأن الاختفاء والظهور عنده أيضا سواء ; لأنه يسمع السر كما يسمع الجهر ، ويعلم الخفي كما يعلم الظاهر ، وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر كقوله : 
وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وقوله : 
وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ، وقوله : 
ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ، وقوله : 
ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ، إلى غير ذلك من الآيات . 
وأظهر القولين في المستخفي بالليل والسارب بالنهار : أن المستخفي هو المختفي المستتر عن الأعين ، والسارب هو الظاهر البارز الذاهب حيث يشاء ، ومنه قول 
الأخنس بن شهاب التغلبي    : 
وكل أناس قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده فهو سارب 
أي : ذاهب حيث يشاء ظاهر غير خاف . 
وقول 
قيس بن الخطيم    : 
أني سربت وكنت غير سروب     وتقرب الأحلام غير قريب 
وقيل : السارب : الداخل في السرب ليتوارى فيه ، والمستخفي : الظاهر ، من : خفاه يخفيه : إذا أظهره ، ومنه قول 
امرئ القيس    : 
خفاهن من أنفاقهن كأنما     خفاهن ودق من عشي مجلب