قوله تعالى : 
وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين   . 
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أنه آتى 
أصحاب الحجر - وهم ثمود    - آياته فكانوا عنها معرضين . والإعراض : الصدود عن الشيء وعدم الالتفات إليه . كأنه مشتق من العرض - بالضم - وهو الجانب ; لأن المعرض لا يولي وجهه ، بل يثني عطفه ملتفتا صادا . 
ولم يبين - جل وعلا - هنا شيئا من تلك الآيات التي آتاهم ، ولا كيفية إعراضهم عنها ، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر . فبين أن من أعظم الآيات التي آتاهم : تلك الناقة التي أخرجها الله لهم . بل قال بعض العلماء : إن في الناقة المذكورة 
آيات جمة   : كخروجها عشراء ، وبراء ، جوفاء من صخرة صماء ، وسرعة ولادتها عند خروجها ، وعظمها حتى لم تشبهها ناقة ، وكثرة لبنها حتى يكفيهم جميعا ، وكثرة شربها ; كما قال تعالى : 
لها شرب ولكم شرب يوم معلوم   [ 26 \ 155 ] ، وقال : 
ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر   [ 54 \ 28 ] . 
فإذا علمت ذلك ; فاعلم أن مما يبين قوله تعالى : 
وآتيناهم آياتنا   [ 15 \ 81 ] ، قوله : 
فأت بآية إن كنت من الصادقين قال 
هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم   [ 26 \ 154 - 155 ] ، وقوله : 
قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء الآية [ 7 \ 73 ] . وقوله : 
وآتينا ثمود الناقة مبصرة   [ 17 \ 59 ] . وقوله : 
إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر   [ 54 \ 27 ] ، وقوله : 
ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب   [ 11 \ 64 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .  
[ ص: 312 ] وبين إعراض 
قوم صالح   عن تلك الآيات في مواضع كثيرة ; كقوله : 
فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين   [ 7 \ 77 ] ، وقوله : 
فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام   . . . الآية [ 11 \ 65 ] . وقوله : 
كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها   . . . . [ 91 \ 11 - 14 ] ، وقوله : 
فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر   [ 54 \ 29 ] . وقوله : 
وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها   [ 17 \ 59 ] ، وقوله : 
قالوا إنما أنت من المسحرين ما أنت إلا بشر مثلنا الآية [ 26 \ 185 - 186 ] . إلى غير ذلك من الآيات .