المسألة الخامسة : لا يخفى أن 
الفضة والذهب يمنع الشرب في آنيتهما مطلقا ، ولا يخفى أيضا أنه يجوز لبس الذهب والحرير للنساء ويمنع للرجال . وهذا مما لا خلاف فيه ; لكثرة النصوص الصحيحة المصرحة به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإجماع المسلمين على ذلك ، ومن شذ فهو محجوج بالنصوص الصريحة وإجماع من يعتد به من المسلمين على ذلك . وسنذكر طرفا قليلا من النصوص الكثيرة الواردة في ذلك . 
أما الشرب في آنيتهما : فقد أخرج الشيخان ، والإمام 
أحمد  ، وأصحاب السنن ، عن 
حذيفة    - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007864ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافها ; فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة   " ، ولفظة : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007865ولا تأكلوا في صحافها   " في صحيح 
مسلم    : وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة    - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007866إن الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم   " ، متفق عليه . وفي رواية 
لمسلم    : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007867إن الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة ، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم   " ، والأحاديث بمثل هذا كثيرة . 
وأما 
لبس الحرير والديباج الذي هو نوع من الحرير : فعن 
حذيفة    - رضي الله عنه -   
[ ص: 351 ] قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007868لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ; فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة   " ، أخرجه الشيخان وباقي الجماعة . وعن 
عمر    - رضي الله عنه - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007869لا تلبسوا الحرير ; فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة   " ، متفق عليه . وعن 
أنس    - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007870من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة   " ، متفق عليه أيضا . والأحاديث بمثل هذا كثيرة جدا . 
وأما 
لبس الذهب   : فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب    - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007871نهاهم عن خاتم الذهب   " ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  في صحيحه : حدثنا 
آدم  ، حدثنا 
شعبة  ، حدثنا 
أشعث بن سليم  ، قال : سمعت 
معاوية بن سويد بن مقرن  ، قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب    - رضي الله عنهما - يقول : " نهانا 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007872النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سبع : نهى عن خاتم الذهب - أو قال حلقة الذهب - ، وعن الحرير ، والإستبرق ، والديباج ، والميثرة الحمراء ، والقسي ، وآنية الفضة ، وأمرنا بسبع : بعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وتشميت العاطس ، ورد السلام ، وإجابة الداعي ، وإبرار المقسم ، ونصر المظلوم   " ، ولفظ 
مسلم  في صحيحه قريب منه ، إلا أن 
مسلما  قدم السبع المأمور بها على السبع المنهي عنها . وقال في حديثه : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007873ونهانا عن خواتيم ، أو عن تختم بالذهب   " ، وهذا الحديث المتفق عليه يدل على أن 
لبس الذهب لا يحل للرجال ; لأنه إذا منع الخاتم منه فغيره أولى ، وهو كالمعلوم من الدين بالضرورة ، والأحاديث فيه كثيرة . 
وأما جواز 
لبس النساء للحرير   : فله أدلة كثيرة ، منها : حديث 
علي    - رضي الله عنه - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007874أهديت للنبي - صلى الله عليه وسلم - حلة سيراء ، فبعث بها إلي فلبستها فعرفت الغضب في وجهه ، فقال : " إني لم أبعث بها إليك لتلبسها ، إنما بعثت بها إليك لتشقها خمرا بين نسائك   " ، متفق عليه . وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك    - رضي الله عنه - : أنه رأى على 
 nindex.php?page=showalam&ids=11715أم كلثوم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم    - برد حلة سيراء   . أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  وأبو داود  ، والأحاديث بمثل ذلك كثيرة . وإباحة الحرير للنساء كالمعلوم بالضرورة . ومخالفة 
عبد الله بن الزبير    - رضي الله عنهما - في ذلك لا أثر لها ; لأنه محجوج بالنصوص الصحيحة ، واتفاق عامة علماء المسلمين . 
وأما جواز 
لبس الذهب للنساء   : فقد وردت فيه أحاديث كثيرة . منها : ما رواه الإمام 
أحمد  ، 
وأبو داود  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  ، 
والحاكم  وصححاه ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني  من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري    - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007875أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي ، وحرم على ذكورها   " ، وفي هذا الحديث كلام ; لأن راويه عن 
أبي موسى  وهو 
 nindex.php?page=showalam&ids=15988سعيد بن أبي هند  ، قال   
[ ص: 352 ] بعض العلماء : لم يسمع من 
أبي موسى    . 
قال مقيده - عفا الله عنه - : ولو فرضنا أنه لم يسمع منه فالحديث حجة ; لأنه مرسل معتضد بأحاديث كثيرة ، منها ما هو حسن ، ومنها ما إسناده مقارب ، كما بينه الحافظ في التلخيص وبإجماع المسلمين ، وقد قال 
البيهقي    - رحمه الله - في سننه الكبرى ، " باب سياق أخبار تدل على تحريم التحلي بالذهب " ، وساق أحاديث في ذلك ، ثم قال : " باب سياق أخبار تدل على إباحته للنساء " ، ثم ساق في ذلك أحاديث ، وذكر منها حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=15988سعيد بن أبي هند  المذكور عن 
أبي موسى  ، ثم قال : ورويناه من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=27وعقبة بن عامر  ، 
وعبد الله بن عمرو  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وذكر منها أيضا حديث 
عائشة  قالت : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007876قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - حلية من عند  nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي  أهداها له ، فيها خاتم من ذهب ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعود معرضا عنه أو ببعض أصابعه ، ثم دعا  nindex.php?page=showalam&ids=219أمامة بنت أبي العاص  بنت ابنته زينب  ، فقال : " تحلي هذا يا بنية   " ، وذكر منها أيضا حديث بنت 
 nindex.php?page=showalam&ids=103أسعد بن زرارة    - رضي الله عنه - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007877أنها كانت هي وأختاها في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأن أباهن أوصى إليه بهن ، قالت : فكان - صلى الله عليه وسلم - يحلينا بالذهب واللؤلؤ   . وفي رواية : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003062يحلينا رعاثا من ذهب ولؤلؤ   " ، وفي رواية : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003063يحلينا التبر واللؤلؤ   " ، ثم قال 
البيهقي    : قال 
أبو عبيد    : قال 
أبو عمرو    : وواحد الرعاث رعثة ، ورعثة وهو القرط . ثم قال 
البيهقي    : فهذه الأخبار وما ورد في معناها تدل على إباحة التحلي بالذهب للنساء ، واستدللنا بحصول الإجماع على إباحته لهن على نسخ الأخبار الدالة على تحريمه فيهن خاصة . وقد قال بعض أهل العلم : إن موافقة الإجماع لخبر الآحاد تصيره قطعيا لاعتضاده بالقطعي ، وهو الإجماع . وقد تقدم ذلك في " سورة التوبة " ، والله أعلم . 
فتحصل أنه لا شك في تحريم لبس الذهب والحرير على الرجال ، وإباحته للنساء .