قوله تعالى : 
ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دآبة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أنه لو عاجل الخلق بالعقوبة لأهلك جميع من في الأرض ، ولكنه حليم لا يعجل بالعقوبة ; لأن العجلة من شأن من يخاف فوات الفرصة ، ورب السماوات والأرض لا يفوته شيء أراده . وذكر هذا المعنى في غير هذا الموضع ; كقوله في آخر سورة " فاطر " : 
ولو يؤاخذ   [ ص: 390 ] الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دآبة الآية [ 35 \ 45 ] ، وقوله : 
وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب الآية [ 18 \ 58 ] ، وأشار بقوله : 
ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى   [ 16 \ 61 ] ، إلى أنه تعالى يمهل ولا يهمل . وبين ذلك في غير هذا الموضع ; كقوله : 
ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار   [ 14 \ 42 ] ، وقوله : 
ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب   [ 29 \ 53 ] . 
وبين هنا : أن الإنسان إذا جاء أجله لا يستأخر عنه ، كما أنه لا يتقدم عن وقت أجله . وأوضح ذلك في مواضع أخر ; كقوله : 
إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر الآية [ 71 \ 4 ] ، وقوله : 
ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها الآية [ 63 \ 11 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . 
واعلم : أن قوله تعالى : 
ما ترك عليها من دابة   [ 16 \ 61 ] ، فيه وجهان من العلماء : 
واعلم أنه خاص بالكفار ; لأن الذنب ذنبهم ، والله يقول : 
ولا تزر وازرة وزر أخرى   [ 6 \ 164 ] ، ومن قال هذا القول قال : " من دابة " [ 16 \ 61 ] ، أي : كافرة ، ويروى هذا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    . وقيل : المعنى أنه لو أهلك الأباء بكفرهم لم تكن الأبناء . 
وجمهور العلماء ، منهم 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود  ، 
وأبو الأحوص  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة  ، وقال الآخر : 
تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا والموت أكرم نزال على الحرم 
وقد ولدت امرأة أعرابي أنثى ، فهجرها لشدة غيظه من ولادتها أنثى ، فقالت : 
ما لأبي حمزة  لا يأتينا     يظل بالبيت الذي يلينا 
غضبان إلا نلد البنينا     ليس لنا من أمرنا ما شينا 
وإنما نأخذ ما أعطينا