تنبيه . 
في قوله - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : 
والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا الآية [ 16 \ 72 ] ، رد على العرب التي كانت تعتقد أنها كانت تزوج الجن وتباضعها . 
حتى روي أن 
عمرو بن يربوع بن حنظلة بن مالك  تزوج سعلاة منهم ، وكان يخبؤها عن سنا البرق لئلا تراه فتنفر . فلما كان في بعض الليالي لمع البرق وعاينته السعلاة ، فقالت : 
عمرو    ! ونفرت . فلم يرها أبدا ; ولذا قال 
علباء بن أرقم  يهجو أولاد 
عمرو  المذكور : 
ألا لحى الله بني السعلاة  عمرو بن يربوع  لئام النات   . 
 [ ص: 414 ]     ليسوا بأعفاف ولا أكيات 
وقوله : " النات " ، أصله " الناس " أبدلت فيه السين تاء . وكذلك قوله " أكيات " أصله " أكياس " جمع كيس ، أبدلت فيه السين تاء أيضا . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11880المعري  يصف مراكب إبل متغربة عن الأوطان : إذا رأت لمعان البرق تشتاق إلى أوطانها . فزعم أنه يستر عنها البرق لئلا يشوقها إلى أوطانها ، كما كان 
عمرو  يستره عن سعلاته : 
إذا لاح إيماض سترت وجوهها     كأني عمرو  والمطي سعالي 
والسعلاة : عجوز الجن . وقد روي من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة    : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " 
أحد أبوي بلقيس  كان جنيا   " . 
قال صاحب الجامع الصغير : أخرجه 
أبو الشيخ  في العظمة ، 
وابن مردويه  في التفسير ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر    : وقال شارحه 
المناوي    : في إسناده 
 nindex.php?page=showalam&ids=15991سعيد بن بشر  قال في الميزان عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين    : ضعيف . وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16637ابن مسهر    : لم يكن ببلدنا أحفظ منه ، وهو ضعيف منكر الحديث ، ثم ساق من مناكيره هذا الخبر اه . 
 nindex.php?page=showalam&ids=15543وبشير بن نهيك  أورده 
الذهبي  في الضعفاء . وقال 
أبو حاتم    : لا يحتج به . ووثقه 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي    . انتهى . 
وقال 
المناوي  في شرح حديث " 
أحد أبوي بلقيس  كان جنيا   " ، قال 
قتادة    : ولهذا كان مؤخر قدميها كحافر الدابة . وجاء في آثار : أن الجني الأم ، وذلك أن أباها ملك 
اليمن  خرج ليصيد فعطش ، فرفع له خباء فيه شيخ فاستسقاه ، فقال : يا حسنة ، اسقي عمك ; فخرجت كأنها شمس بيدها كأس من ياقوت . فخطبها من أبيها ، فذكر أنه جني ، وزوجها منه بشرط أنه إن سألها عن شيء عملته فهو طلاقها . فأتت منه بولد ذكر ، ولم يذكر قبل ذلك ، فذبحته فكرب لذلك ، وخاف أن يسألها فتبين منه . ثم أتت 
ببلقيس  فأظهرت البشر ; فاغتم فلم يملك أن سألها ، فقالت : هذا جزائي منك ! باشرت قتل ولدي من أجلك ! وذلك أن أبي يسترق السمع فسمع الملائكة تقول : إن الولد إذا بلغ الحلم ذبحك ، ثم استرق السمع في هذه فسمعهم يعظمون شأنها ، ويصفون ملكها ، وهذا فراق بيني وبينك ; فلم يرها بعد . هذا محصول ما رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر  عن 
يحيى الغساني    . اه من شرح 
المناوي  للجامع الصغير . 
وقال 
القرطبي  في تفسير " سورة النحل " : كان أبو 
بلقيس  وهو : 
السرح بن الهداهد بن شراحيل  ، ملكا عظيم الشأن ، وكان يقول لملوك الأطراف : ليس أحد منكم كفأ لي . وأبى   
[ ص: 415 ] أن يتزوج منهم ; فزوجوه امرأة من الجن يقال لها 
ريحانة بنت السكن    ; فولدت له بلقمة وهي 
بلقيس  ، ولم يكن له ولد غيرها . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة    : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " 
كان أحد أبوي بلقيس  جنيا   "  - إلى أن قال : ويقال : إن سبب تزوج أبيها من الجن أنه كان وزيرا لملك عات ، يغتصب نساء الرعية ، وكان الوزير غيورا فلم يتزوج . فصحب مرة في الطريق رجلا لا يعرفه ، فقال : هل لك من زوجة ؟ فقال : لا أتزوج أبدا . فإن ملك بلدنا يغتصب النساء من أزواجهن . فقال : لئن تزوجت ابنتي لا يغتصبها أبدا . قال : بل يغتصبها ! قال : إنا قوم من الجن لا يقدر علينا . فتزوج ابنته فولدت له 
بلقيس  ، إلى غير ذلك من الروايات . 
وقال 
القرطبي  أيضا : وروى 
وهيب بن جرير بن حازم  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل بن أحمد  ، عن 
عثمان بن حاضر  ، قال : كانت أم 
بلقيس  من الجن ، يقال لها : بلعمة بنت شيصان . 
قال مقيده - عفا الله عنه - : الظاهر أن الحديث الوارد في كون 
أحد أبوي بلقيس  جنيا ضعيف . 
وكذلك الآثار الواردة في ذلك ليس منها شيء يثبت .