صفحة جزء
وأما أيمان القسامة مع وجود اللوث ، فقد قال بعض أهل العلم بوجوب القصاص بها ، وخالف في ذلك بعضهم .

فممن قال بوجوب القود بالقسامة : مالك وأصحابه ، وأحمد ، وهو أحد قولي الشافعي ، وروي عن ابن الزبير ، وعمر بن عبد العزيز ، والظاهر أن عمر بن عبد العزيز رجع عنه .

وبه قال أبو ثور ، وابن المنذر ، وهو قول الزهري ، وربيعة ، وأبي الزناد ، والليث ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وداود .

وقضى بالقتل بالقسامة عبد الملك بن مروان ، وأبوه مروان ; وقال أبو الزناد : قلنا [ ص: 130 ] بها وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون ، إني لأرى أنهم ألف رجل ، فما اختلف منهم اثنان .

وقال ابن حجر ( في فتح الباري ) : إنما نقل ذلك أبو الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت ; كما أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه ، وإلا فأبو الزناد لا يثبت أنه رأى عشرين من الصحابة فضلا عن ألف .

وممن قال بأن القسامة تجب بها الدية ولا يجب بها القود : الشافعي في أصح قوليه ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وروي عن أبي بكر وعمر وابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم . وهو مروي عن الحسن البصري ، والشعبي ، والنخعي ، وعثمان البتي ، والحسن بن صالح ، وغيرهم . وعن معاوية : القتل بها أيضا .

وذهبت جماعة أخرى إلى أن القسامة لا يثبت بها حكم من قصاص ولا دية ، وهذا مذهب الحكم بن عتيبة ، وأبي قلابة ، وسالم بن عبد الله ، وسليمان بن يسار ، وقتادة ، ومسلم بن خالد ، وإبراهيم بن علية ، وإليه ينحو البخاري ، وروي عن عمر بن عبد العزيز باختلاف عنه .

وروي عن عبد الملك بن مروان أنه ندم على قتله رجلا بالقسامة ، ومحا أسماء الذين حلفوا أيمانهم من الديوان ، وسيرهم إلى الشام ، قاله البخاري في صحيحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية