قوله تعالى : 
وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا   . 
قال بعض أهل العلم : في هذه الآية الكريمة حذف الصفة ، أي : وإن من قرية ظالمة إلا نحن مهلكوها . وهذا النعت المحذوف دلت عليه آيات من كتاب الله تعالى ; كقوله : 
وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون   [ 28 \ 59 ] ، وقوله : 
ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون   [ 6 \ 131 ] ، أي بل لا بد أن تنذرهم الرسل فيكفروا بهم وبربهم ، وقوله : 
وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون   [ 11 \ 117 ] ، وقوله : 
وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا   [ 65 \ 8 ، 9 ] إلى غير ذلك من الآيات . 
وغاية ما في هذا القول حذف النعت مع وجود أدلة تدل عليه ، ونظيره في القرآن قوله تعالى : 
وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا   [ 18 \ 79 ] ، أي كل سفينة صالحة ; بدليل أن خرق 
الخضر  للسفينة التي ركب فيها هو 
وموسى  يريد به سلامتها من أخذ الملك لها ; لأنه لا يأخذ المعيبة التي فيها الخرق وإنما يأخذ الصحيحة ، ومن حذف النعت قوله تعالى : 
قالوا الآن جئت بالحق   [ 2 \ 71 ] ; أي بالحق الواضح الذي لا لبس معه في صفات البقرة المطلوبة ، ونظيره من كلام العرب قول الشاعر ، وهو 
المرقش الأكبر    : 
 [ ص: 164 ] ورب أسيلة الخدين بكر مهفهفة لها فرع وجيد 
أي فرع فاحم وجيد طويل . 
وقول عبيد بن الأبرص : 
من قوله قول ومن فعله     فعل ومن نائله نائل 
أي قوله قول فصل ، وفعله فعل جميل ، ونائله نائل جزيل ، وإلى هذا أشار في الخلاصة بقوله : 
وما من المنعوت والنعت عقل     يجوز حذفه وفي النعت يقل 
وقال بعض أهل العلم : الآية عامة ، فالقرية الصالحة إهلاكها بالموت ، والقرية الطالحة إهلاكها بالعذاب ، ولا شك أن كل نفس ذائقة الموت ، والمراد بالكتاب : اللوح المحفوظ ، والمسطور : المكتوب . ومنه قول 
جرير    : 
من شاء بايعته مالي وخلعته ما     تكمل التيم في ديوانها سطرا 
وما يرويه مقاتل عن كتاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك بن مزاحم  في تفسير هذه الآية : من أن 
مكة  تخربها الحبشة  ، وتهلك 
المدينة  بالجوع ، 
والبصرة  بالغرق ، 
والكوفة  بالترك ، والجبال بالصواعق والرواجف ، وأما 
خراسان  فهلاكها ضروب ، ثم ذكر بلدا بلدا - لا يكاد يعول عليه ; لأنه لا أساس له من الصحة ، وكذلك ما يروى عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه    : أن 
الجزيرة  آمنة من الخراب حتى تخرب 
أرمينية  ، 
وأرمينية  آمنة حتى تخرب 
مصر  ، 
ومصر  آمنة حتى تخرب 
الكوفة  ، ولا تكون الملحمة الكبرى حتى تخرب 
الكوفة  ، فإذا كانت الملحمة الكبرى فتحت 
قسطنطينة  على يد رجل من 
بني هاشم  ، وخراب 
الأندلس  من قبل 
الزنج  ، وخراب 
إفريقية  من قبل 
الأندلس  ، وخراب 
مصر  من انقطاع النيل واختلاف الجيوش فيها ، وخراب 
العراق  من الجوع ، وخراب 
الكوفة  من قبل عدو يحصرهم ويمنعهم الشراب من الفرات ، وخراب 
البصرة  من قبيل الغرق ، وخراب 
الأبلة  من عدو يحصرهم برا وبحرا ، وخراب 
الري  من 
الديلم  ، وخراب 
خراسان  من قبل 
التبت  ، وخراب 
التبت  من قبل 
الصين  ، وخراب 
الهند  واليمن  من قبل الجراد والسلطان ، وخراب 
مكة  من 
الحبشة  ، وخراب 
المدينة  من الجوع . اهـ . 
كل ذلك لا يعول عليه ; لأنه من قبيل الإسرائيليات .