صفحة جزء
فائدة

قال ابن العربي المالكي : سمعت فتاة ببغداد تقول لجارتها : لو كان مذهب ابن عباس صحيحا في الاستثناء ما قال الله تعالى لأيوب : وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث [ 38 \ 44 ] ، بل يقول استثن بإن شاء الله انتهى منه بواسطة نقل صاحب نشر البنود في شرح ، وقوله في مراقي السعود :

[ ص: 256 ]

بشركة وبالتوطي قالا بعض وأوجب فيه الاتصالا     وفي البواقي دون ما اضطرار
وأبطلن بالصمت للتذكار

فإن قيل : فما الجواب الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما نسب إليه من القول بصحة الاستثناء المتأخر .

فالجواب أن مراد ابن عباس رضي الله عنهما أن الله عاتب نبيه على قوله إنه سيفعل كذا غدا ، ولم يقل إن شاء الله ، وبين له أن التعليق بمشيئة الله هو الذي ينبغي أن يفعل ; لأنه تعالى لا يقع شيء إلا بمشيئته ، فإذا نسي التعليق بالمشيئة ثم تذكر ولو بعد طول فإنه يقول إن شاء الله ، ليخرج بذلك من عهدة عدم التعليق بالمشيئة ، ويكون قد فوض الأمر إلى من لا يقع إلا بمشيئته ، فنتيجة هذا الاستثناء : هي الخروج من عهدة تركة الموجب للعتاب السابق ، لا أنه يحل اليمين لأن تداركها قد فات بالانفصال ، هذا هو مراد ابن عباس كما جزم به الطبري وغيره ، وهذا لا محذور فيه ولا إشكال .

وأجاب بعض أهل العلم بجواب آخر وهو : أنه نوى الاستثناء بقلبه ونسي النطق به بلسانه ، فأظهر بعد ذلك الاستثناء الذي نواه وقت اليمين ، هكذا قاله بعضهم ، والأول هو الظاهر ، والعلم عند الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية