صفحة جزء
" الكلمة الجامعة الخاتمة في مسألة الرؤية " :

خلاصة الخلاصة أن رؤية العباد لربهم في الآخرة حق ، وأنهم أعلى وأكمل النعيم الروحاني الذي يرتقي إليه البشر في دار الكرامة والرضوان ، وأنها أحق ما يصدق عليه قوله - تعالى - في كتابه المجيد : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ( 32 : 17 ) وقوله في الحديث القدسي الذي رواه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " وأن هذا وذاك مما يدل على مذهب السلف الذي عبر بعضهم عنه بأوجز عبارة اتفق عليها جميعهم وهي " أنها رؤية بلا كيف " ويؤيد ذلك اضطراب جميع أصناف العلماء في النصوص الواردة في نفيها وإثباتها ، سواء منهم أهل اللغة وأساطين البيان ، ونظار الفلسفة وعلم الكلام ، ورواة الأحاديث والآثار ، ومرتاضو الصوفية وأولو الكشف والإلهام ، فلم تتفق طائفة من هؤلاء على قول فصل قطعي تقنع به بقية الطوائف بدليلها اللغوي أو الأصولي أو العقلي أو فهم النص النقلي أو تسليم إلهامها الكشفي ، ولكن من نظر في جميع ما قالوه نظر استقلال وإنصاف يجزم بأن ما كان عليه عامة السلف من إثبات كل من يصح به النقل ، وتفويض تأويله الذي يكون عليه في الآخرة إلى الله - عز وجل - هو الحق الذي يطمئن به القلب ويؤيده العلم والعقل ، فهو الأسلم والأحكم والأعلم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون .

التالي السابق


الخدمات العلمية