صفحة جزء
إذا تمهد هذا فقوله تعالى : ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها معناه : نقسم أننا قد خلقنا وبثثنا في العالم كثيرا من الجن والإنس لأجل سكنى جهنم والمقام فيها ، أي: كما ذرأنا للجنة مثل ذلك ، وهو مقتضى استعداد الفريقين فمنهم شقي وسعيد ( 11 : 105 ) فريق في الجنة وفريق في السعير ( 42 : 7 ) وبماذا كان هؤلاء معدين لجهنم دون الجنة ، وما صفاتهم المؤهلة لذلك ؟ .

( الجواب ) : ذلك بأن لهم قلوبا لا يفقهون بها ، ولهم أعين لا يبصرون بها إلخ . أي لا يفقهون بقلوبهم ما تصلح وتتزكى به أنفسهم من توحيد الله المطهر لها من الخرافات والأوهام ، ومن المهانة والصغار ; فإن من يعبد الله تعالى وحده عن إيمان ومعرفة تعلو نفسه ، وتسمو بمعرفة ربه رب العالمين ، ومدبر الكون بتقديره وسننه ، فلا تذل نفسه بدعاء غيره ، والخوف منه ، والرجاء فيه ، والاتكال عليه ، بل يطلب كل ما يحتاج إليه من ربه وحده ، فإن كان مما أقدر الله تعالى عليه خلقه بإعلامهم بأسبابه وتمكينهم منها طلبه بسببه ، مراعيا في طلبه ما علمه من مقادير الخلق وسننه ، وذلك عين الطلب من الله تعالى ولا سيما في نظر العالم بما ذكر ، وإن لم يكن كذلك توجه إلى الله وحده لهدايته إلى العلم بما لا يعلم من سببه ، وإقداره على ما لا يقدر عليه من وسائله ، أو تسخير من شاء من خلقه لمساعدته عليه ، أو إيصاله إليه ، ممن أعطاهم من أسبابه ما لم يعطه ، كالأطباء لمداواة الأمراض ، وأقوياء الأبدان لرفع الأثقال ، والعلماء الراسخين لبيان الحقيقة وحل الإشكال . ولا يتوجه مثل هذا العارف الموحد في طلب شيء إلى غير ما يعرف البشر من الأسباب المطردة ، والوسائل المعقولة المجردة ، كالرقى والنشرات ، والتناجس والطلسمات ، والعزائم والتبخيرات ، [ ص: 354 ] ولا كرامات الصالحين من الأحياء والأموات ، دع التقرب إليهم بما يعد من العبادات ، كالدعاء الذي هو مخ العبادة ، والركن الأعظم فيها كما ورد في الحديث ، والله تعالى يقول : فلا تدعوا مع الله أحدا ( 72 : 18 ) ويقول : بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون ( 6 : 41 ) ويقول : إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ( 3 : 175 ) ويقول : أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه ( 9 : 13 ) ويقول : فلا تخشوهم واخشوني ( 2 : 150 ) إلخ . ويقول : وعلى الله فتوكلوا ( 5 : 23 ) ويقول : وعلى الله فليتوكل المتوكلون ( 14 : 12 ) .

ذلك بأن لهم قلوبا لا يفقهون بها أن ترك الشرور والمنكرات ، والحرص على أعمال الخيرات - وإن شئت فقل : واجتناب الرذائل ، والتحلي بالفضائل - مناط سعادة الدنيا ، وبها مع الإيمان بالله واليوم الآخر يتم الاستعداد لسعادة الآخرة ، وأنها لا يمكن أخذ الناس بها فعلا وتركا ، وسرا وجهرا ، إلا بالتربية الدينية الصحيحة ; ولذلك نرى أعلمهم بصفات النفس البشرية وأخلاقها ، وقوانين التربية الصورية وآدابها ، يجنون على أجسادهم وأنفسهم بالإسراف في الشهوات ، والاحتيال على كثرة المقتنيات ، والتعالي على الأقران واللذات ، فيجترحون فواحش الزنا واللواط ، ويقترفون جريمتي الرشوة والقمار ، ويستحلون منكرات الحسد والاستكبار ، ومنهم أكثر الخونة أعوان الأجانب على استعباد أمتهم ، وامتلاك أوطانهم .

ذلك بأن لهم قلوبا لا يفقهون بها معنى الحياة الروحية ، واللذات المعنوية ، والسعادة الأبدية يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ( 30 : 7 ) .

ذلك بأن لهم قلوبا لا يفقهون بها معنى الآيات الإلهية في الأنفس والآفاق ، ولا آياته التي يؤيد بها رسله من علميات وكونيات ، وأظهر آياته العلمية الباقية إلى آخر الزمان ، ما أودعه منها في كتابه القرآن المنزل على رسوله الأمي - صلى الله عليه وسلم - ، كالعلوم الإلهية والتشريعية والأدبية والاجتماعية ، وأخبار الغيب الماضية والآتية ، فهم ينظرون في ظواهر هذه الآيات ، ويتكلفون لها غرائب التأويلات ; ولذلك قال تعالى في موضوع [ ص: 355 ] الآيات : قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون ( 6 : 65 ) وقال : وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ( 6 : 98 ) وقال في عدم فقههم للقرآن : ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ( 6 : 25 ) وهذه الآية جمعت حرمانهم لهداية القلوب والأسماع والأبصار ، فهي شاهد لكل ما جاء في الآية التي نحن بصدد تفسيرها ، ومثلها في سورتي الإسراء ( 17 : 45 و46 ) والكهف ( 18 : 57 ) ولكن الشاهد فيهما على نفي هداية القلوب والأسماع فقط ; إذ هو المناسب للموضوع .

ذلك بأن لهم قلوبا لا يفقهون بها أسباب النصر على الأعداء من روحية وعقلية ، واجتماعية وآلية ، التي نصر الله بها المؤمنين على الكافرين في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ثم في عهد الخلفاء الراشدين والمدنيين في الإسلام ، وجعل العشرة منهم أهلا لغلب المائة في طور القوة ، والمائة أهلا لغلب المائتين في طور الضعف ، وعلل ذلك بأن الكفار قوم لا يفقهون ( الأنفال 8 : 65 ، 66 ) وقال في سورة الحشر : لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ( 59 : 13 ) فمن آيات الدين في المؤمن أن يكون أفقه من الكافر بنظم الحرب وأسباب النصر الصورية والمعنوية ، وأكمل اتصافا بها ، وتمتعا بثمرها ، فأين هذا الإيمان ، من مسلمي هذا الزمان ؟ .

ذلك بأن لهم قلوبا لا يفقهون بها سنن الله تعالى في الاجتماع ، وتأثير العقائد الدينية في جمع الكلمة وقوة الجماعات ، ولا سيما في عهد النبوة وزمن المعجزات ، ولا يفقهون بها إدالة الله لأهل الحق من أهل الباطل ، بل يحكمون في ذلك بما يبدو لعقولهم القاصرة من الظواهر ، دون ما وراءها من الفقه الباطن ، كما حكاه الله تعالى عن المنافقين في آخر سورة التوبة من كونهم لا يزدادون بنزول سور القرآن إلا رجسا ، أي خبثا ونفاقا ، وكونهم يفتنون ويمتحنون مرارا ، ولا يفيدهم ذلك توبة ولا ادكارا ، حتى إذا ما أنزلت سورة فروا من سماعها فرارا ، لا يخافون أن يراهم الله ولكن يخافون أن يراهم المؤمنون وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ( 9 : 127 ) وما حكاه تعالى عنهم في سورتهم من قصر نظرهم وظلمة بصيرتهم ; إذ توهموا أنهم يقنعون المؤمنين من الأنصار بترك الإنفاق على إخوانهم المهاجرين ، وأن ذلك كاف في انفضاضهم من حول الرسول - صلى الله عليه وسلم - هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون [ ص: 356 ] ( 63 : 7 ) أي لا يفقهون سر كفاية الله تعالى رسوله والمؤمنين وكفالته لهم ، ولا يفقهون أن سبب إنفاق الأنصار الأبرار - رضوان الله عليهم - هو الإيمان الصادق ، الذي هو أقوى البواعث على بذل المال والنفس في سبيل الله تعالى ابتغاء مرضاته ، فلا يؤثر فيهم قولهم : لا تنفقوا على من عند رسول الله - إلا احتقارهم لهم على نفاقهم ، وثباتهم هم على إنفاقهم - لا يفقهون هذا ولا ذاك; لأنهم محرومون من وجدان الإيمان ، وإيثار ما عند الله تعالى على جميع ما في هذه الدار الفانية من متاع .

وجملة القول : أن نفي الفقاهة عن قلوب المخلوقين لجهنم يشمل كل ما ذكرنا ، وما في معناه من أمور الدين وأمور الدنيا من حيث علاقتها بالدين وتكميل النفس . ومن العبرة فيه : أن الذين يدعون الإيمان في هذا الزمان لهم قلوب لا يفقهون بها ما ذكر ، ولا يعلمون أن من فقهه فهو المخلوق للجنة ، كما يؤخذ من الحكم على أن من لم يفقهه مخلوق لجهنم ، بل صار كثير ممن لا يوصفون بإيمان ولا إسلام يفقهون من سنن الله تعالى المشار إلى بعضها في القرآن ما لا يفهمون ، كأسباب النصر في الحرب ; ولذلك نراهم ينصرون فيها على هؤلاء . والله تعالى يقول للمؤمنين : إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ( 47 : 4 ) ويقول فيهم : وكان حقا علينا نصر المؤمنين ( 30 : 47 ) وليس المعنى أنه ينصرهم بخوارق العادات ، بل إنهم بمقتضى الإيمان هم الذين يفقهون أسباب النصر المادية والمعنوية . وفقاهة الأمر تقتضي العمل بموجبه ، والآيات حجة على المسلمين الجغرافيين بأنهم غير مؤمنين ، وأن لدى أعدائهم من العلم وأخلاق الإيمان أكثر مما عندهم ، وإن لم يبلغوا بها مرتبة الإيمان الإسلامي الكامل ، ثم إنهم بعد ذلك يعدون جهلهم وخذلانهم حجة على الإسلام ، ويزعمون أنه هو سبب حرمانهم النصر ، والترقي في معارج العمران - ذلك بأنهم قوم لا يفقهون حقيقة الإسلام ، ولا يدرون ما الكتاب وما الإيمان ، فالقرآن حجة عليهم ، وهم أجهل وأضل من أن يكونوا حجة على القرآن .

وقوله تعالى : لهم قلوب لا يفقهون بها أبلغ من أن يقال : ليس لهم قلوب يفقهون بها ; لأن إثبات خلق القلوب لهم ، هو موضع قيام الحجة عليهم ، والتعبير الآخر يصدق بأمرين : بعدم وجود القلوب لهم بالمرة ، وبوجود قلوب لا يفقهون بها ، وفي الحالة الأولى لا تقوم عليهم حجة; لأنهم لم يؤتوا آلة التكليف وهو العقل والوجدان ، فلا تكون العبارة نصا في قيام الحجة لاحتمالها عدم التكليف . وإنما قال : لا يفقهون بها ولم يقل : " لا تفقه " ; لبيان أنهم هم المؤاخذون بعدم توجيه إرادتهم لفقه الأمور ، واكتناه الحقائق ، ويقال مثل هذا وما قبله فيما بعده وهو :

[ ص: 357 ] ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ومعنى الجملتين يفهم إجمالا مما فسرنا به فقه القلوب تفصيلا ، أي: ولهم أبصار وأسماع لا يوجهونها إلى التأمل والتفكر فيما يرون من آيات الله في خلقه ، وفيما يسمعون من آيات الله المنزلة على رسله ، ومن أخبار التاريخ الدالة على سننه تعالى في خلقه ، فيهتدوا بكل منها إلى ما فيه سعادتهم في دنياهم وآخرتهم ، وأما التفصيل فيؤخذ من آيات القرآن الكثيرة المرشدة إلى النظر في آياته تعالى في الأنفس والآفاق ، وفي تدبر القرآن ، وكذا الاستفادة مما يروى ويؤثر من تاريخ البشر ; فإن الآذان قد خلقت للإنسان; ليستفيد من كل ما يسمع ، لا من القرآن فقط ، كما أن الأبصار خلقت له ليستفيد من كل ما يبصر ، وإنما يكون ذلك على كماله بتوجيه إرادته إلى استعمال كل منهما فيما خلق له . قال تعالى في آخر سورة الم السجدة : أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون ( 32 : 26 ، 27 ) فهذان مثلان للآيات البصرية والسمعية ، وأمثالها كثير ، ولكن أكثر الذين يسمون أنفسهم أهل القرآن لا يفقهون شيئا منها ، وليس الفقه عندهم إلا تقليد علماء فروع الأحكام العملية فيما كتبوه منها ، وقد يكون في حكايتها دون العمل بها ! ! .

وفي معنى ما هنا من صفات أهل جهنم قوله تعالى في الذين علم الله رسوخهم في الكفر ، وثباتهم عليه من سورة البقرة : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ( 2 : 7 ) فقد بين بضرب من التشبيه البليغ عدم انتفاعهم بمواهب القلوب والأسماع والأبصار التي هي آلات العلم والعرفان ، وطرق الهدى والإيمان . وقوله في المنافقين بتشبيه أبلغ : صم بكم عمي فهم لا يرجعون ( 2 : 18 ) ومثله المثل : ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ( 2 : 171 ) وقوله فيهم من سورة النحل : أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون ( 16 : 108 ) وقوله في سورة الجاثية : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ( 45 : 23 ) وقوله تعالى في سورة الأحقاف بعد ذكر هلاك عاد : ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله ( 46 : 26 ) وقوله تعالى في سورة الأنفال : ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ( 8 : 20 - 23 ) [ ص: 358 ] أي ولو أسمعهم سماع تفقه واعتبار ، والحال أنه قد علم أنهم لا خير فيهم لتولوا عن الاستجابة وهم معرضون .

كرر الرب الحكيم بيان هذه الحقيقة بأساليب مختلفة في البلاغة ، كالتشبيه والتمثيل والاحتجاج ، وبيان السنن الاجتماعية; لأجل التأثير والتذكير والإنذار ، لمن لم يفقد استعداد الهداية من الكافرين ; ولأجل العظة والذكرى للمؤمنين ، كما نرى في آيات الأنفال ، ومع هذا التكرار البالغ حد الإعجاز في البلاغة ، نرى أكثر المسلمين أشد إهمالا من غيرهم لاستعمال أسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم في النظر في آيات الله في الأنفس والآفاق ; لأنهم من أجهل الشعوب بالعلوم التي تعرف بها آياته تعالى في أعضاء الإنسان ومشاعره وقواه العقلية وانفعالاته النفسية ، وآياته في الجماد والنبات والحيوان والهواء والماء والبخار ، والغازات التي تتركب منها هذه المواد وغيرها ، وسنن النور والكهرباء والهيئة الفلكية ، ومن أصاب منهم حظا من هذه العلوم فإنما أخذه عن الإفرنج أو تلاميذهم المتفرنجين فكان مقلدا فيه لهم لا مستقلا ، ولم يتجاوز طريقهم في البحث عن منافع هذه الأشياء لأجل الانتفاع بها في هذه الحياة الدنيا ، من غير ملاحظة كونها آيات دالة على أن لها ربا خالقا مدبرا عليما حكيما مريدا قديرا رحيما ، يجب أن يعبد وحده ، وأن يخشى ويحب فوق كل أحد ، وأن تكون معرفته والزلفى عنده ، ورجاء لقائه في الآخرة منتهى كل غاية من الحياة ، ولو قصد أولئك العلماء هذا من العلم لأصابوه ; فإن الأمور بمقاصدها و " إنما الأعمال بالنيات " ولكنهم غفلوا عنه; لتعلق إرادتهم بما دونه ; ولهذا كان علمهم على سعته ناقصا أقبح نقص ، وكان الانتفاع به مشوبا بضرر عظيم باستعمال ما هداهم إليه العلم من خواص الأشياء في الحرب وآلات القتال . التي تدمر العمران وتسحق الألوف الكثيرة من البشر في وقت قصير - وبهذا يصدق على هؤلاء العلماء الذي استعملوا عقولهم وأبصارهم وأسماعهم في استنباط حقائق العلوم ونفعها المادي العاجل ، ما يصدق على الذين أهملوا استعمالها ، وآثروا الجهل على العلم بها ، من قوله عز وجل :

التالي السابق


الخدمات العلمية