[ ص: 478 ] الباب الخامس 
في 
آيات الله وسننه في الخلق والتكوين 
( وفيه 14 أصلا ) 
( 1 ) خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام ، واستواؤه على عرشه ، ونظام الليل والنهار ، وتسخير الشمس والقمر والنجوم بأمره ، وكون الخلق والأمر له وحده ، وذلك في الآية 54 وهي تتضمن الترغيب في علمي الفلك والجغرافية الطبيعية دون علم التنجيم الخرافي ، وقد بلغ أهل الغرب من العلم بذلك ما لو ذكر أبسطه وأبعده عن الغرابة في غير هذا العصر لقال فيه أذكى العقلاء إنه من هذيان المجانين ، أو تخيل الحشاشين ، ولا يوجد علم أدل على عظمة الخالق وقدرته وسعة علمه ، ودقة حكمته من علم الفلك ، وقد كان قومنا العرب في عهد حضارتهم الإسلامية أعلم البشر به ، فصاروا أجهلهم به . 
( 2 ) خلق الله الرياح والمطر وإحياؤه الأرض به ، وإخراجه الثمرات والخصب وضده ، وذلك في الآيتين 57 و 58 وذلك يتضمن الترغيب في العلم بسنن الله تعالى في هذه المخلوقات ، كما قلناه فيما قبله ; لأن في العلم بذلك كله من معرفة آيات الله ، وكمال صفاته ما يعطي متأمله اليقين في الإيمان إذا قصده ، ويغدق عليه نعمه التي من عليه بها ، ويعده لشكرها فتجتمع له بذلك سعادة الدارين ، وقد اتسعت علوم بعض البشر بذلك فاستحوذوا على أكثر خيرات الأرض في بلادهم ، وبلاد الجاهلين بها ، الذين أضاع الجهل عليهم دنياهم ودينهم بالتبع لها . 
( 3 ) خلق الله الناس من نفس واحدة ، وخلق زوجها منها ليسكن إليها ، وإعداد الزوجين الذكر والأنثى للتناسل كما في الآية 189 وفي قصة جنة آدم ومعصيته وتوبته من الآيات 19 - 25 بعض صفات النشأة البشرية واستعدادها وحالها في سكنى الأرض . 
. ( 4 ) تفضيل الله تعالى للإنسان على من في الأرض جميعا ، كما أفاده قوله تعالى : 
ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين   ( 11 ) وبيان هذه المسألة بالتفصيل في تفسير سورة البقرة ; لأنها أوسع تفصيلا لما تقتضيه قصة 
آدم  المطولة فيها ، والتصريح فيها بجعل 
آدم  خليفة في الأرض ، وفي باب التأويل هنالك سبح طويل للأستاذ الإمام رحمه الله تعالى لم يسبقه إليه أحد فيما نعلم . فيراجع في الجزء الأول من هذا التفسير . 
( 5 ) خلق بني 
آدم  مستعدين لمعرفة الله تعالى ، وإشهاد الرب إياهم على أنفسهم أنه ربهم ، وشهادتهم بذلك بمقتضى فطرتهم ، وما منحوه من العقل والفكر ، وحجته تعالى عليهم بذلك كما في الآيتين 172 و 173 فيراجع تفسيرهما في موضعه من هذا الجزء . وكذا خلقهم مستعدين للشرك ، وما يتبعه من الخرافات كما في الآية الثانية منهما والآية 190 .  
[ ص: 479 ]   ( 6 ) ضرب المثل لاختلاف استعداد البشر لكل من الخير والشر والبر والإثم ، وعلامة كل منهما فيهم ، وكونهم يعرفون بثمارهم ، وذلك قوله تعالى : 
والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا   ( 58 ) ، وفيه إرشاد إلى طلب معرفة الشيء بأثره ، ومعرفة الأثر بمصدره ، وفيه دليل على أن في الأشياء خبيثا وطيبا ، وجيدا ورديئا ، ويؤيده حديث : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=920115الناس معادن كمعادن الذهب والفضة إلخ وهو في الصحاح وغيرها . 
( 7 ) الكلام في إبليس وهو الشيطان وعداوته 
لآدم ،  وامتناعه من السجود له ، ووسوسته له ولزوجه بالإغراء بالمعصية بالأكل من الشجرة وعاقبة ذلك . وهو في الآيات 20 - 25 وكونه من المنظرين إلى يوم القيامة . 
( 8 ) 
عداوة إبليس والشياطين من نسله لبني آدم  ، وتزيينهم لهم الشر والباطل ، وإغراؤهم بالفساد والمعاصي وحكمة ذلك ، وهي في الآيات 16 و 17 و 20 - 22 و 27 وتحذيرهم منه في الآية 27 مع بيان أنه يراهم هو وقبيله من حيث لا يرونهم . 
( 9 ) نزغ الشيطان للإنسان ، ومقاومته بالاستعاذة بالله تعالى ، وكون المتقين إذا مسهم طائف منه تذكروا فإذا هم مبصرون لا تطول غفلتهم فيغرهم وسواسه ، وذلك في الآيتين 200 - 202 . 
( 10 ) بيان أن الشياطين أولياء للمجرمين الذين لا يؤمنون ، من بني 
آدم  وهو في فاصلة الآية 27 وبيان أن إخوان الشياطين من بني 
آدم  يمكنون الشياطين من أنفسهم بعدم تقواهم ، فهم يمدونهم في الغي ولا يقصرون فيه ، وذلك نص الآية 202 . 
قد سبق الكلام في تفسيرنا هذا على مباحث الشياطين والجن في عدة مواضع قد أحلنا عليها في تفسير آيات الأعراف ، وزدنا على ذلك عقد فصل استطرادي في حكمة خلق الله تعالى الخلق ، واستعداد الشيطان والبشر للشر . فيراجع ( في ص302 - 306 ج 8 ط الهيئة ) . 
( 11 ) منة الله على البشر بتمكينهم في الأرض ، وتسهيل أسباب المعايش لهم كما في الآية 10 ، ومن الشكر الواجب له تعالى على ذلك طلب سعة العلم باستعمار الأرض ووسائل المعايش . 
( 12 ) منة الله على البشر باللباس والزينة كما في الآية 26 وراجع في ذلك الأصلين 5 و 6 من الباب الرابع من هذه الخلاصة . 
( 13 ) 
صفات شرار البشر المستحقين لجهنم ، وهم الذين أهملوا استعمال عقولهم وحواسهم فيما خلقت لأجله من اقتباس العلم والحكمة - وذلك نص الآية 179 وذكرت في أصل الجزاء في الآخرة ( وهو 11 من الباب الثالث ) وفي تعظيم شأن النظر والتفكر لتحصيل العلم ( وهو الأصل 3 من الباب 4 ) . 
( 14 ) آياته تعالى ونعمه على 
بني إسرائيل  ، وتراجع في قصة 
موسى  معهم .