صفحة جزء
مسألة الآيات والعجائب أي الخوارق :

بقي الكلام في مسألة العجائب التي بنيت على أساسها الكنائس النصرانية على اختلاف مذاهبها . وفيما يدعونه من تجرد محمد - صلى الله عليه وسلم - من لباسها ، وهي قد أصبحت في هذا العصر حجة على دينهم لا له ، وصادة للعلماء والعقلاء عنه لا مقنعة به ، ولولا حكاية القرآن لآيات الله التي أيد بها موسى وعيسى عليهما السلام لكان إقبال أحرار الإفرنج عليه أكثر ، واهتداؤهم به أعم وأسرع ; لأن أساسه قد بني على العقل والعلم ، وموافقة الفطرة البشرية ، وتزكية أنفس الأفراد ، وترقية مصالح الاجتماع ، وأما آيته التي احتج بها على كونه من عند الله تعالى هي القرآن ، وأمية محمد - عليه الصلاة والسلام - ، فهي آية علمية تدرك بالعقل والحس والوجدان .

كفاك بالعلم في الأمي معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم

وأما تلك العجائب الكونية فهي مثار شبهات وتأويلات كثيرة في روايتها وفي صحتها وفي دلالتها وأمثال هذه الأمور تقع من أناس كثيرين في كل زمان ، والمنقول منها عن صوفية الهنود والمسلمين أكثر من المنقول عن العهدين : العتيق والجديد ، وعن مناقب القديسين ; وهي من منفرات العلماء عن الدين في هذا العصر . وسنبين ما جاء به الإسلام فيها من الفصل .

التالي السابق


الخدمات العلمية