( الفصل الثاني من الباب الخامس ) : 
( في الأخلاق والفضائل النفسية والعملية البدنية ) : 
قلنا : إن هذه السورة في دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - قومه إلى الإسلام ، والتثبيت عليها بقصص أشهر الرسل الذين خلوا من قبله في 
جزيرة العرب  وما جاورها مع أقوامهم ، مما يفهمه مشركو قومه وتقوم به الحجة عليهم ، فليس موضوعها بيان تفصيل الفضائل والأعمال الصالحة التي توجه إلى المؤمنين به ، ولكن ما يخصهم منها - على قلته - كثير في معناه وفائدته ، ولهم من الذكرى وما يجب التأسي به من فضائل الرسل غير ما خصهم الله من الوحي والعصمة ، ما يكفي المتدبرين له المتعبرين به في تزكية أنفسهم ، وجعلهم أسعد الناس بمعرفة ربهم وعبادته وإرشاده عباده ، فالفضائل فيها قسمان ، نسرد لقارئي هذا التفسير ما فهمناه من مسائلهما والشواهد عليها جميعا وهي إحدى وعشرون أيضا . 
( الأولى والثانية : 
استغفار الرب ، والتوبة إليه من كل ذنب   ) : 
هاتان فضيلتان ، فريضتان ، متلازمتان فكأنهما واحدة ، جاء الأمر بهما في الآية الثالثة من صدر هذه السورة ، عقب النهي عن عبادة غير الله - عز وجل - من دعوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ثم كرر في دعوة غيره في الآيات ( 52 و 61 و 90 ) فعلم أنه كان أمرا عاما على ألسنة سائر الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وسنذكر فائدتهما العمراني في الكلام على السنن الإلهية من الباب السادس من هذه الخلاصة .