صفحة جزء
( سننه في ضلال الناس وغوايتهم ) :

الشاهد الثامن قوله - تعالى - في حكاية عنه في مجادلة قومه : - ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم - 34 وفيه بيان لسنته - تعالى - في غواية الغاوين وكفر الكافرين وضلال الضالين إلخ . وقد بيناها في تفسير الآيات الكثيرة التي أسند فيها إليه - تعالى - فعل شيء من ذلك ، بما خلاصته أن الإغواء والإضلال عبارة عن وقوع الغواية والضلال بسنة الله في تأثير ارتكاب أسبابهما من الأعمال الاختيارية ، والإصرار عليها إلى أن تتمكن من صاحبها وتحيط به خطيئته حتى يفقد الاستعداد للرشاد والهدى ، وقد غفل عن هذه [ ص: 198 ] السنن علماء الكلام ، فطفقوا يتنازعون بينهم في خلق الله الكفر والضلال للإنسان حتى يكون عاجزا عن الإيمان والعمل الصالح : هل هو جائز من الخالق عقلا وشرعا وواقع فعلا ، أم هو مستحيل عليه وينزه عنه لأنه ظلم ينافي العدل والحكمة ؟ وأي الآيات فيه يجب تأويلها ؟ والحق إن شاء الله ما قلنا فلا تأويل .

الشاهد التاسع قوله - تعالى - : - ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة - 118 نص في أن سنته - تعالى - في البشر أن يتفرقوا بمقتضى الغريزة إلى شعوب وقبائل ، ويكونوا مختلفين في العقول والأفهام والمنازع ، وفي اللغات والأديان والشرائع ، ومتنازعين في المصالح والمنافع .

التالي السابق


الخدمات العلمية