1. الرئيسية
  2. تفسير المنار
  3. سورة النساء
  4. تفسير قوله تعالى إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض
صفحة جزء
هذه الآيات في الهجرة نزلت في سياق واحد متصلا بعضها ببعض كما قلنا ، ومن شمله الوعد من المهاجرين في تلك الأثناء ضمرة بن جندب ، فعدوا خبر هجرته من أسباب نزول الشق الأخير من هذه الآية ، وما هو بسبب إلا في اصطلاحهم الذي يتساهلون فيه بإطلاق السبب كما بينا مرارا ، روى ابن أبي حاتم وأبو يعلى بسند جيد عن ابن عباس : خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا فقال لأهله : احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 294 ] فنزل الوحي ومن يخرج من بيته مهاجرا الآية ، ومنهم أبو ضمرة أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن أبي ضمرة الزرقي ، وكان بمكة فلما نزلت إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ، قال : إني لغني وإني لذو حيلة ، فتجهز يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأدركه الموت بالتنعيم ، فنزلت هذه الآية ومن يخرج من بيته الآية ، ومنهم آخرون قال السيوطي في اللباب بعد إيراد الروايتين المذكورتين آنفا ، وأخرج ابن جرير نحو ذلك من طرق عن سعيد بن جبير وعكرمة وقتادة والسدي والضحاك وغيرهم وسمي في بعضها ضمرة بن العيص أو العيص بن ضمرة ، وفي بعضها جندب بن حمزة الجندعي وفي بعضها الضمري وفي بعضها رجل من بني ضمرة وفي بعضها رجل من خزاعة ، وفي بعضها رجل من بني ليث وفي بعضها من بني كنانة وفي بعضها من بني بكر قال : وأخرج ابن أبي حاتم وابن منده والبارودي في الصحابة عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام قال : هاجر خالد بن حرام إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات فنزلت فيه الآية .

وأخرج الأموي في مغازيه عن عبد الملك بن عمير قال : لما بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يأتيه فأبى قومه أن يدعوه ، قال : فليأت من يبلغه عني ويبلغني عنه ، فانتدب له رجلان فأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالا : نحن رسل أكثم بن صيفي ، وهو يسألك من أنت وما أنت وبم جئت ؟ قال : أنا محمد بن عبد الله ، وأنا عبد الله ورسوله ، ثم تلا عليهم إن الله يأمر بالعدل والإحسان ( 16 : 90 ) ، الآية ، فأتيا أكثم فقالا له ذلك ، فقال : أي قوم ، إنه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها ، فكونوا في هذا الأمر رءوسا ولا تكونوا أذنابا ، فركب بعيره متوجها إلى المدينة فمات في الطريق فنزلت فيه الآية ، مرسل إسناده ضعيف ، وأخرج أبو حاتم في كتاب المعمرين من طريقين عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية قال : نزلت في أكثم ، قيل : فأين الليثي ؟ قال : هذا قبل الليثي بزمان وهي خاصة عامة اهـ .

ومجموع الروايات يؤيد رأينا من أنها نزلت هي وما قبلها في سياق أحكام الحرب لا منفردة فطبقوها على الوقائع التي حدثت في ذلك العهد ولم تنزل لأجل وقعة معينة منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية