1. الرئيسية
  2. تفسير المنار
  3. سورة النساء
  4. تفسير قوله تعالى يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق
صفحة جزء
فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة إلخ ; أي فإذا كان الأمر كذلك ، وهو المعقول الذي لا تحتمل غيره النقول ، فآمنوا بالله إيمانا يليق به ، وهو أنه واحد أحد ، فرد صمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، تنزه عن صفات الحوادث ، ونسبتها إليه . واحدة ، وهي أنها مخلوقة وهو الخالق ، ومملوكة وهو المالك ، وأن هذه الأرض في مجموع ملكه أقل من حبة رمل بالنسبة إلى اليابس منها ، ومن نقطة ماء بالنسبة إلى بحارها وأنهارها ، فمن الجهل الفاضح أن يجعل له ند وكفء فيها ، أو يقال : إنه حل أو اتحد بشيء منها ، وآمنوا برسله كلهم ، كما يليق بهم ، وهو أنهم عبيد له خصهم بضرب من العلم والهداية " الوحي " ليعلموا الناس كيف يوحدون ربهم ويعبدونه ويشكرونه ، وكيف يزكون أنفسهم ، ويصلحون ذات بينهم

[ ص: 72 ] ولا تقولوا : الآلهة ثلاثة : الآب والابن وروح القدس ، أو : الله ثلاثة أقانيم كل منها عين الآخر ، فكل منها إله كامل ، ومجموعها إله واحد ، فتسفهوا أنفسكم بترك التوحيد الخالص الذي هو ملة إبراهيم وسائر الأنبياء عليهم السلام ، والقول بالتثليث الذي هو عقيدة الوثنيين الطغام ، ثم تدعوا الجمع بين التثليث الحقيقي والتوحيد الحقيقي ، وهو تناقض تحيله العقول ولا تقبله الأفهام انتهوا خيرا لكم أي انتهوا عن هذا القول الذي ابتدعتموه في دين الأنبياء تقليدا لآبائكم الوثنيين الأغبياء ، يكن هذا الانتهاء خيرا لكم ، أو انتهوا عنه وانتحلوا قولا آخر خيرا لكم منه ، وهو قول جميع النبيين والمرسلين بتوحيده وتنزيهه حتى المسيح الذي سميتموه إلها فإن مما لا تزالون تحفظون عنه قوله في إنجيل يوحنا : ( وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية