1. الرئيسية
  2. تفسير المنار
  3. سورة المائدة
  4. تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون
صفحة جزء
( تشديد السنة في شرب الخمر ) .

روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن إلا الترمذي من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منه حرمها في الآخرة " زاد مسلم في رواية " فلم يسقها " .

قيل : معناه أنه لا يدخل الجنة فيشربه فيها ، وقيل : لا يشربها فيها وإن مات مؤمنا ودخلها ، لأنه استعجل شيئا فجوزي بحرمانه ، وقيل : إلا أن يعفو الله عنه ، والقول الأول لا يصح إلا بالحمل على المستحل لشربها ، لأنه راد للشريعة غير مذعن لها ، ورواية مسلم " فلم يسقها " ظاهرة في رده .

وروي هذا الحديث بلفظ " كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام ، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة " وقد عزاه الحافظ المنذري إلى الشيخين وأبي داود والترمذي والنسائي والبيهقي قال ولفظه في إحدى رواياته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة وإن دخل الجنة " وهذا يرد ذلك التأويل أيضا ولكنه لم يمنع المنذري من حكايته كغيره .

وروى أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " وفي رواية البخاري تقدم الخمر على السرقة ، قيل : هذا في المستحل ، وقيل : النفي لكمال الإيمان : وقيل : وهو خبر بمعنى النهي ، وقيل : إن الإيمان يفارق مرتكب أمثال هذه الكبائر مدة ملابسته لها وقد يعود إليه بعدها ، وحقق الغزالي في كتاب التوبة من الإحياء أن مرتكب ذلك لا يكون [ ص: 72 ] حال ارتكابه متصفا بالإيمان الإذعاني بحرمة ذلك ، وكونه من أسباب سخط الله وعقوبته ، لأن هذا الإيمان يستلزم اجتناب العصيان .

وروى أحمد بإسناد صحيح وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أتاني جبريل فقال : يا محمد ، إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومسقيها " وروى أبو داود وابن ماجه عن ابن عمر حديثا بمعناه وليس فيه ذكر جبريل ، والترمذي وابن ماجه من حديث أنس " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرا : عاصرها ، ومعتصرها ، وشاربها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وساقيها ، وبائعها ، وآكل ثمنها ، والمشتري لها ، والمشترى له " قال الترمذي : حديث غريب .

التالي السابق


الخدمات العلمية