فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون

إذا قيل للمنافقين : آمنوا كما آمن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المهاجرين والأنصار أجابوا بأحمق جواب وأبعده عن الحق والصواب ، فنسبوا إلى المؤمنين السفه استهزاء واستخفافا ، فتسببوا بذلك إلى تسجيل الله عليهم بالسفه بأبلغ عبارة وآكد قول .

وحصر السفاهة وهي رقة الحلوم وفساد البصائر وسخافة العقول فيهم مع كونهم لا يعلمون أنهم كذلك إما حقيقة أو مجازا ، تنزيلا لإصرارهم على السفه منزلة عدم العلم بكونهم عليه وأنهم متصفون به ، ولما ذكر الله هنا السفه ناسبه نفي العلم عنهم لأنه لا يتسافه إلا جاهل .

والكاف في موضع نصب لأنها نعت لمصدر محذوف : أي إيمانا كإيمان الناس .

وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس [ ص: 32 ] أي صدقوا كما صدق أصحاب محمد أنه نبي ورسول ، وأن ما أنزل عليه حق ، قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء يعنون أصحاب محمد ألا إنهم هم السفهاء يقول : الجهال : ولكن لا يعلمون يقول : لا يعقلون .

وروي عن ابن عساكر في تاريخه بسند واه أنه قال : آمنوا كما آمن الناس أبو بكر وعمر وعثمان وعلي .

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله : كما آمن السفهاء قال : يعنون أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

وأخرج عن الربيع وابن زيد مثله .

وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنها نزلت في شأن اليهود : أي إذا قيل لهم : يعني اليهود آمنوا كما آمن الناس عبد الله بن سلام وأصحابه قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية