فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين قوله : والوزن يومئذ الحق الوزن مبتدأ وخبره الحق : أي الوزن في هذا اليوم العدل الذي لا جور فيه ، أو الخبر يومئذ ، والحق وصف للمبتدأ ، أي الوزن العدل كائن في هذا اليوم ، وقيل : إن الحق خبر مبتدأ محذوف .

واختلف أهل العلم في كيفية هذا الوزن الكائن في هذا اليوم ، فقيل : المراد به وزن صحائف أعمال العباد بالميزان وزنا حقيقيا ، وهذا هو الصحيح ، وهو الذي قامت عليه الأدلة ، وقيل : توزن نفس الأعمال وإن كانت أعراضا فإن الله يقلبها يوم القيامة أجساما كما جاء في الخبر الصحيح : إن البقرة وآل عمران يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيابتان أو فرقان من طير صواف .

وكذلك ثبت في الصحيح أنه يأتي القرآن في صورة شاب شاحب اللون ونحو ذلك ، وقيل : الميزان الكتاب الذي فيه أعمال الخلق ، وقيل : الوزن والميزان بمعنى العدل والقضاء ، وذكرهما من باب ضرب المثل كما تقول : هذا الكلام في وزن هذا .

قال الزجاج : هذا سائغ من جهة اللسان ، والأولى أن نتبع ما جاء في الأسانيد الصحاح من ذكر الميزان .

قال القشيري : وقد أحسن الزجاج فيما قال ، إذ لو حمل الصراط على الدين الحق ، والجنة والنار على ما يرد على الأرواح دون الأجساد ، والشياطين والجن على الأخلاق المذمومة والملائكة على القوى المحمودة ، ثم قال : وقد أجمعت الأمة في الصدر الأول على الأخذ بهذه الظواهر من غير تأويل وإذا أجمعوا على منع التأويل وجب الأخذ بالظاهر صارت هذه الظواهر نصوصا انتهى .

والحق هو القول الأول .

وأما المستبعدون لحمل هذه الظواهر على حقائقها فما يأتون في استبعادهم بشيء من الشرع يرجع إليه ، بل غاية ما تشبثوا به مجرد الاستبعادات العقلية ، وليس في ذلك حجة على أحد ، فهذا إذا لم تقبله عقولهم فقد قبلته عقول قوم هي أقوى من عقولهم من الصحابة والتابعين وتابعيهم حتى جاءت البدع كالليل المظلم وقال كل ما شاء ، وتركوا الشرع خلف ظهورهم وليتهم جاءوا بأحكام عقلية يتفق العقلاء عليها ، ويتحد قبولهم لها ، بل كل فريق يدعي على العقل ما يطابق هواه ، ويوافق ما يذهب إليه هو أو من هو تابع له ، فتتناقض عقولهم على حسب ما تناقضت مذاهبهم ، يعرف هذا كل منصف ، ومن أنكره فليصف فهمه وعقله عن شوائب التعصب والتمذهب فإنه إن فعل ذلك أسفر الصبح لعينيه .

وقد ورد ذكر الوزن والموازين في مواضع من القرآن كقوله : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ( الأنبياء : 47 ) ، وقوله : فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ( المؤمنون : 101 ) ، وقوله : فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ( المؤمنون : 102 ، 103 ) ، وقوله : إن الله لا يظلم مثقال ذرة ( النساء : 40 ) ، وقوله : فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية ( القارعة : 6 - 9 ) ، والفاء في فمن ثقلت موازينه للتفصيل .

والموازين : جمع ميزان ، وأصله موزان قلبت الواو ياء لكسر ما قبلها ، وثقل الموازين هذا يكون بثقل ما وضع فيها من صحائف الأعمال ، وقيل : إن الموازين جمع موزون : أي فمن رجحت أعماله الموزونة ، والأول أولى .

وظاهر جمع الموازين المضافة إلى العامل أن لكل واحد من العاملين موازين يوزن بكل واحد منها صنف من أعماله ، وقيل : هو ميزان واحد عبر عنه بلفظ الجمع كما يقال : خرج فلان إلى مكة على البغال ، والإشارة بقوله : فأولئك إلى من ، والجمع باعتبار معناه كما رجع إليه ضمير " موازينه " باعتبار لفظه وهو مبتدأ خبره هم المفلحون .

والكلام في قوله : ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم مثله ، والباء في بما كانوا بآياتنا يظلمون سببية ، وما مصدرية .

ومعنى يظلمون يكذبون .

قوله : ولقد مكناكم في الأرض [ ص: 466 ] أي جعلنا لكم فيها مكانا وهيأنا لكم فيها أسباب المعايش .

والمعايش جمع معيشة : أي ما يتعايش به من المطعوم والمشروب وما تكون به الحياة ، يقال عاش يعيش عيشا ومعاشا ومعيشا .

قال الزجاج : المعيشة ما يتوصلون به إلى العيش ، والمعيشة عند الأخفش وكثير من النحويين مفعلة .

وقرأ الأعرج " معائش " بالهمزة ، وكذا روى خارجة بن مصعب عن نافع .

قال النحاس : والهمز لحن لا يجوز ، لأن الواحدة معيشة والياء أصيلة كمدينة ومداين وصحيفة وصحايف .

قوله : قليلا ما تشكرون الكلام فيه كالكلام فيما تقدم قريبا من قوله تعالى : قليلا ما تذكرون .

قوله : ولقد خلقناكم ثم صورناكم هذا ذكر نعمة أخرى من نعم الله على عبيده .

والمعنى : خلقناكم نطفا ثم صورناكم بعد ذلك ، وقيل : المعنى : خلقنا آدم من تراب ثم صورناكم في ظهره ، وقيل : ولقد خلقناكم يعني آدم ذكر بلفظ الجمع لأنه أبو البشر ثم صورناكم راجع إليه ، ويدل عليه ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فإن ترتيب هذا القول على الخلق والتصوير يفيد أن المخلوق المصور آدم عليه السلام .

وقال الأخفش : إن ثم في ثم صورناكم بمعنى الواو ، وقيل : المعنى : خلقناكم من ظهر آدم ثم صورناكم حين أخذنا عليكم الميثاق .

قال النحاس : وهذا أحسن الأقوال ، وقيل : المعنى : ولقد خلقنا الأرواح أولا ، ثم صورنا الأشباح ، ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم : أي أمرناهم بذلك فامتثلوا الأمر ، وفعلوا السجود بعد الأمر إلا إبليس . قيل : الاستثناء متصل بتغليب الملائكة على إبليس ؛ لأنه كان منفردا بينهم ، أو كما قيل : لأن من الملائكة جنسا يقال لهم : الجن ، وقيل : غير ذلك ، وقد تقدم تحقيقه في البقرة .

قوله : لم يكن من الساجدين جملة مبينة لما فهم من معنى الاستثناء ، ومن جعل الاستثناء منقطعا قال معناه : لكن إبليس لم يكن من الساجدين .

وجملة قال ما منعك أن لا تسجد مستأنفة جواب سؤال مقدر ، كأنه قيل : فماذا قال له الله ؟ و " لا " في أن لا تسجد زائدة للتوكيد بدليل قوله تعالى في سورة ص : ما منعك أن تسجد ( ص : 75 ) ، وقيل : إن منع بمعنى قال ، والتقدير : من قال لك أن لا تسجد ، وقيل : منع بمعنى دعا : أي ما دعاك إلى أن لا تسجد ، وقيل : في الكلام حذف ، والتقدير : ما منعك من الطاعة وأحوجك إلى أن لا تسجد إذ أمرتك : أي وقت أمرتك ، وقد استدل به على أن الأمر للفور ، والبحث مقرر في علم الأصول ، والاستفهام في ما منعك للتقريع والتوبيخ ، وإلا فهو سبحانه عالم بذلك ، وجملة قال أنا خير منه مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل : فما قال إبليس ؟ وإنما قال في الجواب أنا خير منه ، ولم يقل منعني كذا ، لأن في هذه الجملة التي جاء بها مستأنفة ما يدل على المانع وهو اعتقاده أنه أفضل منه .

والفاضل لا يفعل مثل ذلك للمفضول مع ما تفيده هذه الجملة من إنكار أن يؤمر مثله بالسجود لمثله .

ثم علل ما ادعاه من الخيرية بقوله : خلقتني من نار وخلقته من طين اعتقادا منه أن عنصر النار أفضل من عنصر الطين .

وقد أخطأ عدو الله فإن عنصر الطين أفضل من عنصر النار من جهة رزانته وسكونه وطول بقائه وهي حقيقة مضطربة سريعة النفاد ، ومع هذا فهو موجود في الجنة دونها ، وهي عذاب دونه ، وهي محتاجة إليه لتتحيز فيه ، وهو مسجد وطهور ، ولولا سبق شقاوته وصدق كلمة الله عليه لكان له بالملائكة المطيعين لهذا الأمر أسوة وقدوة ، فعنصرهم النوري أشرف من عنصره الناري .

وجملة قال فاهبط استئنافية كالتي قبلها ، والفاء لترتيب الأمر بالهبوط على مخالفته للأمر : أي اهبط من السماء التي هي محل المطيعين من الملائكة الذين لا يعصون الله فيما أمرهم إلى الأرض التي هي مقر من يعصي ويطيع ، فإن السماء لا تصلح لمن يتكبر ويعصي أمر ربه مثلك ، ولهذا قال : فما يكون لك أن تتكبر فيها .

ومن التفاسير الباطلة ما قيل : إن معنى اهبط منها أي أخرج من صورتك النارية التي افتخرت بها صورة مظلمة مشوهة ، وقيل : المراد هبوطه من الجنة ، وقيل : من زمرة الملائكة ، وجملة فاخرج لتأكيد الأمر بالهبوط ، وجملة إنك من الصاغرين تعليل للأمر : أي إنك من أهل الصغار والهوان على الله وعلى صالحي عباده وهكذا كل من تردى برداء الاستكبار عوقب بلبس رداء الهوان والصغار ومن لبس رداء التواضع ألبسه الله رداء الترفع .

وجملة قال أنظرني إلى يوم يبعثون استئنافية كما تقدم في الجمل السابقة : أي أمهلني إلى يوم البعث ، وكأنه طلب أن لا يموت ، لأن يوم البعث لا موت بعده ، والضمير في يبعثون لآدم وذريته .

فأجابه الله بقوله : إنك من المنظرين أي الممهلين إلى ذلك اليوم ، ثم تعاقب بما قضاه الله لك ، وأنزله بك في دركات النار .

قيل : الحكمة في إنظاره ابتلاء العباد ليعرف من يطيعه ممن يعصيه .

وجملة 16 - قال فبما أغويتني مستأنفة كالجمل السابقة واردة جوابا لسؤال مقدر ، والباء في فبما للسببية والفاء لترتيب الجملة على ما قبلها ، وقيل : الباء للقسم كقوله : فبعزتك لأغوينهم أجمعين أي فبإغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم والإغواء : الإيقاع في الغي ، وقيل : الباء بمعنى اللام ، وقيل : بمعنى مع .

والمعنى : فمع إغوائك إياي ، وقيل : ما في فبما أغويتني للاستفهام .

والمعنى : فبأي شيء أغويتني والأول أولى .

ومراده بهذا الإغواء الذي جعله سببا لما سيفعله مع العباد هو ترك السجود منه وأن ذلك كان بإغواء الله له ، حتى اختار الضلالة على الهدى ، وقيل : أراد به اللعنة التي لعنه الله : أي فبما لعنتني فأهلكتني لأقعدن لهم ومنه " فسوف يلقون غيا " ( مريم : 59 ) أي هلاكا .

و قال ابن الأعرابي : يقال : غوى الرجل يغوي غيا : إذا فسد عليه أمره أو فسد هو نفسه ، ومنه وعصى آدم ربه فغوى ( طه : 121 ) أي فسد عيشه في الجنة لأقعدن لهم أي لأجهدن [ ص: 467 ] في إغوائهم حتى يفسدوا بسببي كما فسدت بسبب تركي السجود لأبيهم .

والصراط المستقيم هو الطريق الموصل إلى الجنة ، وانتصابه على الظرفية : أي في صراطك المستقيم كما حكى سيبويه ضرب زيد الظهر والبطن ، واللام في لأقعدن لام القسم ، والباء في بما أغويتني متعلقة بفعل القسم المحذوف : أي فبما أغويتني أقسم لأقعدن .

قوله : ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ذكر الجهات الأربع لأنها هي التي يأتي منها العدو عدوه ، ولهذا ترك ذكر جهة الفوق والتحت ، وعدي الفعل إلى الجهتين الأوليين بمن ، وإلى الأخريين بعن ، لأن الغالب فيمن يأتي من قدام وخلف أن يكون متوجها إلى ما يأتيه بكلية بدنه ، والغالب فيمن يأتي من جهة اليمين والشمال أن يكون منحرفا ، فناسب في الأوليين التعدية بحرف الابتداء ، وفي الأخريين التعدية بحرف المجاوزة ، وهو تمثيل لوسوسته وتسويله بمن يأتي حقيقة ، وقيل : المراد من بين أيديهم من دنياهم ومن خلفهم من آخرتهم وعن أيمانهم من جهة حسناتهم وعن شمائلهم من جهة سيئاتهم واستحسنه النحاس .

قوله : ولا تجد أكثرهم شاكرين أي وعند أن أفعل ذلك لا تجد أكثرهم شاكرين لتأثير وسوستي فيهم وإغوائي لهم ، وهذا قاله على الظن ومنه قوله تعالى : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ( سبأ : 20 ) ، وقيل : إنه سمع ذلك من الملائكة فقاله ، وعبر بالشكر عن الطاعة أو هو على حقيقته وأنهم لم يشكروا الله بسبب الإغواء .

وجملة قال اخرج منها استئناف كالجمل التي قبلها : أي من السماء أو الجنة أو من بين الملائكة كما تقدم .

مذؤوما أي مذموما من ذأمه إذا ذمه يقال : ذأمته وذممته بمعنى .

وقرأ الأعمش مذموما .

وقرأ الزهري مذوما بغير همزة ، وقيل : المذءوم : المنفي ، والمدحور : المطرود .

قوله : لمن تبعك منهم .

قرأ الجمهور بفتح اللام على أنها لام القسم ، وجوابه لأملأن جهنم منكم أجمعين وقيل : اللام في لمن تبعك للتوكيد ، وفي لأملأن لام القسم .

والأول أولى ، وجواب القسم سد مسد جواب الشرط ، لأن من شرطية ، وفي هذا الجواب من التهديد ما لا يقادر قدره .

وقرأ عاصم في رواية عنه : " لمن تبعك " بكسر اللام وأنكره بعض النحويين .

قال النحاس : وتقديره والله أعلم من أجل من اتبعك كما يقال : أكرمت فلانا لك ، وقيل : هو علة لاخرج ، وضمير منكم له ولمن اتبعه ، وغلب ضمير الخطاب على ضمير الغيبة ، والأصل منك ومنهم .

وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : والوزن يومئذ الحق قال : العدل فمن ثقلت موازينه قال : حسناته ومن خفت موازينه قال : حسناته .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي ، توزن الأعمال .

وقد ورد في كيفية الميزان والوزن والموزون أحاديث كثيرة .

وأخرج أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ، وابن حبان ، والحاكم وصححه وابن مردويه ، والبيهقي عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : يصاح برجل من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر فيقول : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : أفلك عذر أو حسنة ؟ فيهاب الرجل فيقول : لا يا رب ، فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم ، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فيقول : يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فيقال إنك لا تظلم ، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة وقد صححه أيضا الترمذي ، وإسناده عند أحمد ، حسن .

وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس ، في قوله : ولقد خلقناكم ثم صورناكم قال : خلقوا في أصلاب الرجال وصوروا في أرحام النساء .

وأخرج الفريابي عنه أنه قال : خلقوا في ظهر آدم ثم صوروا في الأرحام .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عنه أيضا قال : أما خلقناكم فآدم ، وأما ثم صورناكم فذريته .

وأخرج أبو الشيخ ، عن عكرمة في الآية قال : خلق إبليس من نار العزة .

وقد ثبت في الصحيح من حديث عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : خلقت الملائكة من نور ، وخلق إبليس من نار ، وخلق آدم مما وصفه لكم .

وأخرج ابن جرير ، عن الحسن قال : أول من قاس إبليس في قوله : " خلقتني من نار وخلقته من طين " وإسناده صحيح إلى الحسن .

وأخرج أبو نعيم في الحلية والديلمي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس قال الله له اسجد لآدم ، فقال : أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين .

قال جعفر : فمن قاس أمر الدين برأيه قرنه الله يوم القيامة بإبليس لأنه اتبعه بالقياس .

وينبغي أن ينظر في إسناد هذا الحديث فما أظنه يصح رفعه وهو لا يشبه كلام النبوة .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، قال : فبما أغويتني أضللتني .

وأخرج عبد بن حميد ، عنه في قوله : لأقعدن لهم صراطك المستقيم قال : طريق مكة .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن ابن مسعود مثله .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس ، ثم لآتينهم من بين أيديهم قال : أشككهم في أمور آخرتهم ومن خلفهم قال : أرغبهم في دنياهم وعن أيمانهم أشبه عليهم أمر دينهم وعن شمائلهم قال : أسن لهم المعاصي وأحق عليهم الباطل ولا تجد أكثرهم شاكرين قال : موحدين .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عنه ثم لآتينهم من بين أيديهم يقول من حيث يبصرون ومن خلفهم من حيث لا يبصرون وعن أيمانهم من حيث يبصرون وعن شمائلهم من حيث لا يبصرون .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عنه أيضا في الآية قال : لم يستطع أن [ ص: 468 ] يقول من فوقهم وفي لفظ علم أن الرحمة تنزل من فوقهم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عنه في قوله : مذؤوما قال : ملوما ، مدحورا : قال مقيتا .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد مذؤوما قال : منفيا مدحورا قال : مطرودا .

التالي السابق


الخدمات العلمية