فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ( 56 ) أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا ( 57 ) وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا ( 58 ) وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ( 59 ) وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ( 60 ) .

قوله : قل ادعوا الذين زعمتم من دونه هذا رد على طائفة من المشركين كانوا يعبدون تماثيل على أنها صور الملائكة ، وعلى طائفة من أهل الكتاب كانوا يقولون بإلهية عيسى ومريم وعزير ، فأمر الله سبحانه رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن يقول لهم : ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة من دون الله ، وقيل : أراد بالذين زعمتم نفرا من الجن عندهم ناس من العرب ، وإنما خصصت الآية بمن ذكرنا لقوله : يبتغون إلى ربهم الوسيلة ، فإن هذا لا يليق بالجمادات فلا يملكون كشف الضر عنكم أي لا يستطيعون ذلك ، والمعبود الحق هو الذي يقدر على كشف الضر ، وعلى تحويله من حال إلى حال ، ومن مكان إلى مكان ، فوجب القطع بأن هذه التي تزعمونها آلهة ليست بآلهة .

ثم إنه سبحانه أكد عدم اقتدارهم ببيان غاية افتقارهم إلى الله في جلب المنافع ودفع المضار ، فقال :أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة فأولئك مبتدأ والذين يدعون صفته ، وضمير الصلة محذوف ، أي : يدعونهم ، وخبر المبتدأ ( يبتغون إلى ربهم الوسيلة ) ، ويجوز أن يكون ( الذين يدعون ) خبر المبتدأ : أي الذين يدعون عباده إلى عبادتهم ، ويكون ( يبتغون ) في محل نصب على الحال .

وقرأ ابن مسعود ( تدعون ) بالفوقية على الخطاب .

وقرأ الباقون بالتحتية على الخبر ، ولا خلاف في ( يبتغون ) أنه بالتحتية ، والوسيلة : القربة بالطاعة والعبادة ، أي : يتضرعون إلى الله في طلب ما يقربهم إلى ربهم ، والضمير في ربهم يعود إلى العابدين أو المعبودين ( أيهم أقرب ) مبتدأ وخبر .

قال الزجاج : المعنى أيهم أقرب بالوسيلة إلى الله ، أي : يتقرب إليه بالعمل الصالح ، ويجوز أن يكون بدلا من الضمير في يبتغون ، أي : يبتغي من هو أقرب إليه تعالى الوسيلة ، فكيف بمن دونه ؟ وقيل إن ( يبتغون ) مضمن معنى يحرصون أي يحرصون أيهم أقرب عليه سبحانه بالطاعة والعبادة ويرجون رحمته كما يرجوها غيرهم ويخافون عذابه كما يخافه غيرهم إن عذاب ربك كان محذورا تعليل لقوله يخافون عذابه ، أي : إن عذابه سبحانه حقيق بأن يحذره العباد من الملائكة والأنبياء وغيرهم .

ثم بين سبحانه مآل الدنيا وأهلها فقال : وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة ( إن ) نافية ، و ( من ) للاستغراق ، أي : ما من قرية . أي قرية كانت من قرى الكفار .

قال الزجاج ، أي : ما من أهل قرية إلا سيهلكون إما بموت وإما بعذاب يستأصلهم ، فالمراد بالقرية أهلها ، وإنما قيل قبل يوم القيامة لأن الإهلاك يوم القيامة غير مختص بالقرى الكافرة ، بل يعم كل قرية لانقضاء عمر الدنيا ، وقيل : الإهلاك للصالحة والتعذيب للطالحة ، والأول أولى لقوله : وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ( كان ذلك ) المذكور من الإهلاك والتعذيب ( في الكتاب ) أي اللوح المحفوظ ( مسطورا ) أي مكتوبا ، والسطر : الخط وهو في الأصل مصدر ، والسطر بالتحريك مثله .

قال جرير :


من شاء بايعته مالي وخلعته ما تكمل التيم في ديوانها سطرا



والخلفة بضم الخاء خيار المال ، والسطر جمع أسطار ، وجمع السطر بالسكون أسطر .

وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون قال المفسرون : إن أهل مكة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أن يجعل لهم الصفا ذهبا وأن ينحي عنهم جبال مكة ، فأتاه جبريل فقال : إن شئت كان ما سأل قومك ، ولكنهم إن لم يؤمنوا لم يمهلوا وإن شئت استأنيت بهم ، فأنزل الله هذه الآية .

والمعنى : وما منعنا من إرسال الآيات التي سألوها إلا تكذيب الأولين ، فإن أرسلناها وكذب بها هؤلاء عوجلوا ولم يمهلوا كما هو سنة الله سبحانه في عباده ، فالمنع مستعار للترك ، والاستثناء مفرغ من أعم الأشياء ، أي : ما تركنا إرسالها لشيء من الأشياء إلا تكذيب الأولين ، فإن كذب بها هؤلاء كما كذب بها أولئك لاشتراكهم في الكفر والعناد حل بهم ما حل بهم ، و ( أن ) الأولى في محل نصب بإيقاع المنع عليها ، و ( أن ) الثانية في محل رفع ، والباء في ( بالآيات ) زائدة .

والحاصل أن المانع من إرسال الآيات التي اقترحوها هو أن الاقتراح مع التكذيب موجب للهلاك الكلي وهو الاستئصال ، وقد عزمنا على أن نؤخر أمر من بعث إليهم محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة ، وقيل : معنى الآية : إن هؤلاء الكفار من قريش ونحوهم مقلدون لآبائهم فلا يؤمنون البتة كما لم يؤمن أولئك ، فيكون إرسال الآيات ضائعا ، ثم إنه سبحانه استشهد على ما ذكر بقصة صالح وناقته ، فإنهم لما اقترحوا عليه ما اقترحوا من الناقة وصفتها التي قد بينت في محل آخر وأعطاهم الله ما اقترحوا فلم يؤمنوا استؤصلوا بالعذاب ، وإنما خص قوم صالح بالاستشهاد ، لأن آثار إهلاكهم في بلاد العرب قريبة من قريش وأمثالهم يبصرها صادرهم وواردهم فقال : وآتينا ثمود الناقة مبصرة أي ذات إبصار يدركها الناس بأبصارهم كقوله : وجعلنا آية النهار مبصرة أو أسند إليها حال من يشاهدها مجازا ، أو [ ص: 830 ] أنها جعلتهم ذوي إبصار ، من أبصره جعله بصيرا .

وقرئ على صيغة المفعول .

وقرئ بفتح الميم والصاد ، وانتصابها على الحال .

وقرئ برفعها على أنها خبر مبتدأ محذوف ، والجملة معطوفة على محذوف يقتضيه سياق الكلام ، أي : فكذبوها ( وآتينا ثمود الناقة ) ، ومعنى فظلموا بها فظلموا بتكذيبها أو على تضمين ( ظلموا ) معنى جحدوا أو كفروا ، أي : فجحدوا بها أو كفروا بها ظالمين ولم يكتفوا بمجرد الكفر أو الجحد وما نرسل بالآيات إلا تخويفا اختلف في تفسير الآيات على وجوه : الأول أن المراد بها العبر والمعجزات التي جعلها الله على أيدي الرسل من دلائل الإنذار تخويفا للمكذبين ، الثاني أنها آيات الانتقام تخويفا من المعاصي ، الثالث تقلب الأحوال من صغر إلى شباب ثم إلى تكهل ثم إلى شيب ليعتبر الإنسان بتقلب أحواله فيخاف عاقبة أمره ، الرابع آيات القرآن ، الخامس الموت الذريع ، والمناسب للمقام أن تفسر الآيات المذكورة بالآيات المقترحة ، أي : لا نرسل الآيات المقترحة إلا تخويفا من نزول العذاب ، فإن لم يخافوا وقع عليهم .

والجملة مستأنفة لا محل لها ، ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال من ضمير ( ظلموا بها ) ، أي : فظلموا بها ولم يخافوا ، والحال أن ما نرسل بالآيات التي هي من جملتها ( إلا تخويفا ) .

قال ابن قتيبة : وما نرسل بالآيات المقترحة إلا تخويفا من نزول العذاب العاجل .

ولما ذكر سبحانه الامتناع من إرسال الآيات المقترحة على رسوله للصارف المذكور قوى قلبه بوعد النصر والغلبة فقال : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس الظرف متعلق بمحذوف : أي اذكر إذ قلنا لك ، أي : أنهم في قبضته وتحت قدرته ، فلا سبيل لهم إلى الخروج مما يريده بهم لإحاطته لهم بعلمه وقدرته ، وقيل : المراد بالناس أهل مكة ، وإحاطته بهم إهلاكه إياهم ، أي : إن الله سيهلكهم ، وعبر بالماضي تنبيها على تحقق وقوعه ، وذلك كما وقع يوم بدر ويوم الفتح ، وقيل : المراد أنه سبحانه عصمه من الناس أن يقتلوه حتى يبلغ رسالة ربه وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس لما بين سبحانه أن إنزال الآيات يتضمن التخويف ضم إليه ذكر آية الإسراء ، وهي المذكورة في صدر السورة ، وسماها رؤيا لأنها وقعت بالليل ، أو لأن الكفرة قالوا لعلها رؤيا ، وقد قدمنا في صدر السورة وجها آخر في تفسير هذه الرؤيا ، وكانت الفتنة ارتداد قوم كانوا أسلموا حين أخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أسري به ، وقيل : كانت رؤيا نوم ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى أنه يدخل مكة فافتتن المسلمون لذلك ، فلما فتح الله مكة نزل قوله تعالى : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق وقد تعقب هذا بأن هذه الآية مكية ، والرؤيا المذكورة كانت بالمدينة ، وقيل : إن هذه الرؤيا المذكورة في هذه الآية هي أنه رأى بني مروان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك ، فقيل : إنما هي الدنيا أعطوها فسري عنه ، وفيه ضعف ، فإنه لا فتنة للناس في هذه الرؤيا إلا أن يراد بالناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده ، ويراد بالفتنة ما حصل من المساءة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو يحمل على أنه قد كان أخبر الناس بها فافتتنوا .

وقيل : إن الله سبحانه أراه في المنام مصارع قريش حتى قال : والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم وهو يومئ إلى الأرض ويقول : هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان ، فلما سمع قريش ذلك جعلوا رؤياه سخرية والشجرة الملعونة في القرآن عطف على الرؤيا ، قيل وفي الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس .

قال جمهور المفسرين وهي شجرة الزقوم ، والمراد بلعنها لعن آكلها كما قال سبحانه : إن شجرة الزقوم طعام الأثيم .

وقال الزجاج : إن العرب تقول لكل طعام مكروه ملعون ، ومعنى الفتنة فيها أن أبا جهل وغيره قالوا : زعم صاحبكم أن نار جهنم تحرق الحجر ، ثم يقول ينبت فيها الشجر ، فأنزل الله هذه الآية .

وروي أن أبا جهل أمر جارية فأحضرت تمرا وزبدا وقال لأصحابه : تزقموا .

وقال ابن الزبعرى : كثر الله من الزقوم في داركم فإنه التمر بالزبد بلغة اليمن ، وقيل : إن الشجرة الملعونة هي الشجرة التي تلتوي على الشجر فتقتلها ، وهي شجرة الكشوث ، وقيل : هي الشيطان ، وقيل : اليهود ، وقيل : بنو أمية ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا أي نخوفهم بالآيات فما يزيدهم التخويف إلا طغيانا متجاوزا للحد متماديا غاية التمادي فما يفيدهم إرسال الآيات إلا الزيادة في الكفر ، فعند ذلك نفعل بهم ما فعلناه بمن قبلهم من الكفار ، وهو عذاب الاستئصال ولكنا قد قضينا بتأخير العقوبة .

وقد أخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، والبخاري ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود في قوله : قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا قال : كان نفر من الإنس يعبدون نفرا من الجن فأسلم النفر من الجن وتمسك الإنسيون بعبادتهم ، فأنزل الله : أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة كلاهما ، يعني الفعلين بالياء التحتية ، وروي نحو هذا عن ابن مسعود من طرق أخرى .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : كان أهل الشرك يعبدون الملائكة والمسيح وعزيرا .

وروي عنه من وجه آخر بلفظ عيسى وأمه وعزير .

وروي عنه أيضا من وجه آخر بلفظ : هم عيسى وعزير ، والشمس والقمر .

وأخرج الترمذي ، وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سلوا الله لي الوسيلة ، قالوا وما الوسيلة ؟ قال القرب من الله ، ثم قرأ يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب .

وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي في قوله : كان ذلك في الكتاب مسطورا قال : في اللوح المحفوظ .

وأخرج أحمد ، والنسائي ، والبزار ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني [ ص: 831 ] والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة ، عن ابن عباس قال : سأل أهل مكة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، وأن ينحي عنهم الجبال فيزرعوا ، فقيل له : إن شئت أن تستأني بهم ، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا ، فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من قبلهم من الأمم ، قال : لا بل أستأني بهم ، فأنزل الله وما منعنا أن نرسل بالآيات الآية .

وأخرج أحمد والبيهقي من طريق أخرى عنه نحوه .

وأخرج البيهقي في الدلائل ، عن الربيع بن أنس قال : قال الناس لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لو جئتنا بآية كما جاء بها صالح والنبيون ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : إن شئتم دعوت الله فأنزلها عليكم ، فإن عصيتم هلكتم . فقالوا : لا نريدها .

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة ، عن ابن عباس وما نرسل بالآيات إلا تخويفا قال : الموت .

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر ، عن الحسن قال : هو الموت الذريع .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قال : عصمك من الناس .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في الآية قال : فهم في قبضته .

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عن ابن عباس في قوله : وما جعلنا الرؤيا الآية قال : هي رؤيا عين أريها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، وليست برؤيا منام والشجرة الملعونة في القرآن قال : هي شجرة الزقوم .

وأخرج أبو سعيد وأبو يعلى وابن عساكر عن أم هانئ أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لما أسري به أصبح يحدث نفرا من قريش وهم يستهزئون به ، فطلبوا منه آية ، فوصف لهم بيت المقدس ، وذكر لهم قصة العير ، فقال الوليد بن المغيرة : هذا ساحر ، فأنزل الله إليه : وما جعلنا الرؤيا الآية .

وأخرج ابن جرير ، عن سهل بن سعد قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بني فلان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات ، فأنزل الله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس .

قال ابن كثير بعد أن ساق إسناده : وهذا السند ضعيف جدا ، وذكر من جملة رجال السند محمد بن الحسن بن زبان وهو متروك ، وشيخه عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد ضعيف جدا .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة ، فأنزل الله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة ، يعني الحكم وولده .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن يعلى بن مرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : رأيت بني أمية على منابر الأرض ، وسيملكونكم فتجدونهم أرباب سوء ، واهتم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لذلك ، فأنزل الله الآية

وأخرج ابن مردويه ، عن الحسين بن علي نحوه مرفوعا وهو مرسل .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر ، عن سعيد بن المسيب نحوه وهو مرسل .

وأخرج ابن مردويه عن عائشة أنها قالت لمروان بن الحكم : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول لأبيك وجدك : إنكم الشجرة الملعونة في القرآن وفي هذا نكارة لقولها : يقول لأبيك وجدك ، ولعل جد مروان لم يدرك زمن النبوة .

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أري أنه دخل مكة هو وأصحابه ، وهو يومئذ بالمدينة فسار إلى مكة قبل الأجل فرده المشركون ، فقال ناس : قد رد ، وقد كان حدثنا أنه سيدخلها ، فكانت رجعته فتنتهم ، وقد تعارضت هذه الأسباب ولم يمكن الجمع بينها ، فالواجب المصير إلى الترجيح ، والراجح كثرة وصحة هو كون سبب نزول هذه الآية قصة الإسراء فيتعين ذلك .

وقد حكى ابن كثير إجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك في الرؤيا ، وفي تفسير الشجرة ، وأنها شجرة الزقوم ، فلا اعتبار بغيرهم معهم .

وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث ، عن ابن عباس قال : قال أبو جهل لما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - شجرة الزقوم تخويفا لهم : يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد ؟ قالوا : لا . قال : عجوة يثرب بالزبد ، والله لئن استمكنا منها لنزقمنها تزقما . قال الله سبحانه : إن شجرة الزقوم طعام الأثيم [ الدخان : 43 ، 44 ] . وأنزل : والشجرة الملعونة في القرآن الآية .

وأخرج ابن المنذر عنه في قوله : والشجرة الملعونة قال : ملعونة لأنه قال : طلعها كأنه رءوس الشياطين [ الصافات : 65 ] . والشياطين ملعونون .

التالي السابق


الخدمات العلمية