فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون ( 149 ) أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون ( 150 ) ألا إنهم من إفكهم ليقولون ( 151 ) ولد الله وإنهم لكاذبون ( 152 ) أصطفى البنات على البنين ( 153 ) ما لكم كيف تحكمون ( 154 ) أفلا تذكرون ( 155 ) أم لكم سلطان مبين ( 156 ) فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين ( 157 ) وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ( 158 ) سبحان الله عما يصفون ( 159 ) إلا عباد الله المخلصين ( 160 ) فإنكم وما تعبدون ( 161 ) ما أنتم عليه بفاتنين ( 162 ) إلا من هو صالي الجحيم ( 163 ) وما منا إلا له مقام معلوم ( 164 ) وإنا لنحن الصافون ( 165 ) وإنا لنحن المسبحون ( 166 ) وإن كانوا ليقولون ( 167 ) لو أن عندنا ذكرا من الأولين ( 168 ) لكنا عباد الله المخلصين ( 169 ) فكفروا به فسوف يعلمون ( 170 ) ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ( 171 ) إنهم لهم المنصورون ( 172 ) وإن جندنا لهم الغالبون ( 173 ) فتول عنهم حتى حين ( 174 ) وأبصرهم فسوف يبصرون ( 175 ) أفبعذابنا يستعجلون ( 176 ) فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين ( 177 ) وتول عنهم حتى حين ( 178 ) وأبصر فسوف يبصرون ( 179 ) سبحان ربك رب العزة عما يصفون ( 180 ) وسلام على المرسلين ( 181 ) والحمد لله رب العالمين ( 182 )

لما كانت قريش وقبائل من العرب يزعمون أن الملائكة بنات الله أمر الله - سبحانه - رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - باستفتائهم على طريقة التقريع والتوبيخ ، فقال : فاستفتهم يا محمد : أي : استخبرهم ألربك البنات ولهم البنون أي : كيف يجعلون لله على تقدير صدق ما زعموه من الكذب أدنى الجنسين وأوضعهما وهو الإناث ، ولهم أعلاهما وأرفعهما وهم الذكور ، وهل هذا إلا حيف في القسمة لضعف عقولهم وسوء إدراكهم ومثله قوله : ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى [ النجم : 21 ، 22 ] .

ثم زاد في توبيخهم وتقريعهم فقال : أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون فأضرب عن الكلام الأول إلى ما هو أشد منه في التبكيت والتهكم بهم أي : كيف جعلوهم إناثا وهم لم يحضروا عند خلقنا لهم ، وهذا كقوله : وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم [ الزخرف : 19 ] فبين - سبحانه - أن مثل ذلك لا يعلم إلا بالمشاهدة ولم يشهدوا ، ولا دل دليل على قولهم من السمع ، ولا هو مما يدرك بالعقل حتى ينسبوا إدراكه إلى عقولهم .

ثم أخبر - سبحانه - عن كذبهم فقال : ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون فبين - سبحانه - أن قولهم هذا هو من الإفك والافتراء من دون دليل ولا شبهة دليل فإنه لم يلد ولم يولد .

قرأ الجمهور ولد الله فعلا ماضيا مسندا إلى الله . وقرئ بإضافة ولد إلى الله على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : يقولون الملائكة ولد الله ، والولد بمعنى مفعول يستوي فيه المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث .

ثم كرر - سبحانه - تقريعهم وتوبيخهم فقال : أصطفى البنات على البنين قرأ الجمهور بفتح الهمزة على أنها للاستفهام الإنكاري ، وقد حذف معها همزة الوصل استغناء به عنها .

وقرأ نافع في رواية عنه وأبو جعفر وشيبة ، والأعمش بهمزة وصل تثبت ابتداء وتسقط درجا ، ويكون الاستفهام منويا قاله الفراء .

وحذف حرفه للعلم به من المقام ، أو على أن اصطفى وما بعده بدل من الجملة المحكية بالقول . وعلى تقدير عدم الاستفهام والبدل .

فقد حكى جماعة من المحققين منهم الفراء أن التوبيخ يكون باستفهام وبغير استفهام كما في قوله : أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا [ الأحقاف : 20 ] وقيل : هو على إضمار القول .

ما لكم كيف تحكمون جملتان استفهاميتان ليس لأحدهما تعلق بالأخرى من حيث الإعراب : استفهمهم أولا عما استقر لهم وثبت استفهام بإنكار ، وثانيا استفهام تعجب من هذا الحكم الذي حكموا به ، والمعنى أي شيء ثبت لكم كيف تحكمون لله بالبنات وهم القسم الذي تكرهونه ، ولكم بالبنين وهم القسم الذي تحبونه ؟ .

أفلا تذكرون أي : تتذكرون فحذفت إحدى التاءين ، والمعنى : ألا تعتبرون وتتفكرون فتتذكرون بطلان قولكم .

أم لكم سلطان مبين أي : حجة واضحة ظاهرة على هذا الذي تقولونه ، وهو إضراب عن توبيخ إلى توبيخ وانتقال من تقريع إلى تقريع .

فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين أي : فأتوا بحجتكم الواضحة على هذا إن كنتم صادقين فيما تقولونه ، أو فأتوا بالكتاب الذي ينطق لكم بالحجة ويشتمل عليها .

وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال أكثر المفسرين : إن المراد بالجنة هنا الملائكة ، قيل : لهم جنة لأنهم لا يرون .

وقال مجاهد : هم بطن من بطون الملائكة يقال لهم : الجنة . وقال أبو مالك : إنما قيل لهم الجنة لأنهم خزان على الجنان . والنسب الصهر . قال قتادة والكلبي : قالوا لعنهم الله : إن الله صاهر الجن فكانت الملائكة من أولادهم ، قالا : والقائل بهذه المقالة اليهود .

وقال مجاهد والسدي ومقاتل : إن القائل بذلك كنانة وخزاعة قالوا : إن الله خطب إلى سادات الجن فزوجوه من سروات بناتهم ، فالملائكة بنات الله من سروات بنات الجن .

وقال الحسن : أشركوا الشيطان في عبادة الله ، فهو النسب الذي جعلوه .

ثم رد الله - سبحانه - عليهم بقوله : ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون أي : علموا أن هؤلاء الكفار الذين قالوا هذا القول يحضرون النار ويعذبون فيها .

وقيل : علمت الجنة أنهم [ ص: 1253 ] أنفسهم يحضرون للحساب .

والأول أولى ، لأن الإحضار إذا أطلق فالمراد العذاب . وقيل : المعنى : ولقد علمت الجنة أنهم لمحضرون إلى الجنة .

ثم نزه - سبحانه - نفسه فقال : سبحان الله عما يصفون أو هو حكاية لتنزيه الملك لله - عز وجل - عما وصفه به المشركون .

والاستثناء في قوله : إلا عباد الله المخلصين منقطع ، والتقدير : لكن عباد الله المخلصين بريئون عن أن يصفوا الله بشيء من ذلك . وقد قرئ بفتح اللام وكسرها ومعناهما ما بيناه قريبا . وقيل : هو استثناء من المحضرين أي : إنهم يحضرون النار إلا من أخلص ، فيكون متصلا لا منقطعا ، وعلى هذا تكون جملة التسبيح معترضة .

ثم خاطب الكفار على العموم أو كفار مكة على الخصوص فقال : فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين أي : فإنكم وآلهتكم التي تعبدون من دون الله لستم بفاتنين على الله بإفساد عباده وإضلالهم ، و " على " متعلقة بـ : " فاتنين " ، والواو في وما تعبدون إما للعطف على اسم إن ، أو هو بمعنى مع ، وما موصولة أو مصدرية أي : فإنكم والذي تعبدون ، أو وعبادتكم ، ومعنى " فاتنين " مضلين ، يقال : فتنت الرجل وأفتنته ، ويقال : فتنه عن الشيء وبالشيء كما يقال : أضله على الشيء وأضله به .

قال الفراء : أهل الحجاز يقولون : فتنته ، وأهل نجد يقولون : أفتنته ، ويقال : فتن فلان على فلان امرأته أي : أفسدها عليه ، فالفتنة هنا بمعنى الإضلال والإفساد .

قال مقاتل : يقول : ما أنتم بمضلين أحدا بآلهتكم إلا من قدر الله له أن يصلى الجحيم ، و " ما " في وما أنتم نافية و أنتم خطاب لهم ولمن يعبدونه على التغليب .

قال الزجاج : أهل التفسير مجمعون فيما علمت أن المعنى : ما أنتم بمضلين أحدا إلا من قدر الله - عز وجل - عليه أن يضل ، ومنه قول الشاعر :


فرد بفتنته كيده عليه وكان لنا فاتنا



أي مضلا .

إلا من هو صالي الجحيم قرأ الجمهور ( صال ) بكسر اللام ; لأنه منقوص مضاف حذفت الياء لالتقاء الساكنين وحمل على لفظ ( من ) ، وأفرد كما أفرد ( هو ) .

وقرأ الحسن وابن أبي عبلة بضم اللام مع واو بعدها ، وروي عنهما أنهما قرأا بضم اللام بدون واو .

فأما مع الواو فعلى أنه جمع سلامة بالواو حملا على معنى من ، وحذفت نون الجمع للإضافة ، وأما بدون الواو فيحتمل أن يكون جمعا ، وإنما حذفت الواو خطا كما حذفت لفظا ، ويحتمل أن يكون مفردا ، وحقه على هذا كسر اللام .

قال النحاس : وجماعة أهل التفسير يقولون : إنه لحن لأنه لا يجوز : هذا قاض المدينة ، والمعنى : أن الكفار وما يعبدونه لا يقدرون على إضلال أحد من عباد الله إلا من هو من أهل النار وهم المصرون على الكفر ، وإنما يصر على الكفر من سبق القضاء عليه بالشقاوة ، وإنه ممن يصلى النار أي : يدخلها .

ثم قال الملائكة مخبرين للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما حكاه الله - سبحانه - عنهم .

وما منا إلا له مقام معلوم وفي الكلام حذف ، والتقدير : وما منا أحد ، أو : وما منا ملك إلا له مقام معلوم في عبادة الله .

وقيل : التقدير : وما منا إلا من له مقام معلوم ، رجح البصريون التقدير الأول ، ورجح الكوفيون الثاني .

قال الزجاج : هذا قول الملائكة وفيه مضمر . المعنى وما منا ملك إلا له مقام معلوم .

ثم قالوا : وإنا لنحن الصافون أي : في مواقف الطاعة . قال قتادة : هم الملائكة صفوا أقدامهم . وقال الكلبي : صفوف الملائكة في السماء كصفوف أهل الدنيا في الأرض .

وإنا لنحن المسبحون أي : المنزهون لله المقدسون له عما أضافه إليه المشركون ، وقيل : المصلون ، وقيل : المراد بقولهم المسبحون مجموع التسبيح باللسان وبالصلاة ، والمقصود أن هذه الصفات هي صفات الملائكة ، وليسوا كما وصفهم به الكفار من أنهم بنات الله .

وإن كانوا ليقولون هذا رجوع إلى الإخبار عن المشركين أي : كانوا قبل المبعث المحمدي إذا عيوا بالجهل قالوا . لو أن عندنا ذكرا من الأولين أي : كتابا من كتب الأولين كالتوراة والإنجيل .

لكنا عباد الله المخلصين أي : لأخلصنا العبادة له ولم نكفر به ، وإن في قوله : وإن كانوا هي المخففة من الثقيلة ، وفيها ضمير شأن محذوف ، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية أي : وإن الشأن كان كفار العرب ليقولون إلخ .

والفاء في قوله : فكفروا به هي الفصيحة الدالة على محذوف مقدر في الكلام .

قال الفراء : تقديره فجاءهم محمد بالذكر فكفروا به ، وهذا على طريق التعجب منهم فسوف يعلمون أي : عاقبة كفرهم ومغبته ، وفي هذا تهديد لهم شديد .

وجملة ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين مستأنفة مقررة للوعيد ، والمراد بالكلمة ما وعدهم الله به من النصر والظفر على الكفار .

قال مقاتل : عنى بالكلمة قوله - سبحانه - : كتب الله لأغلبن أنا ورسلي [ المجادلة : 21 ] . وقال الفراء : سبقت كلمتنا بالسعادة لهم . والأولى تفسير هذه الكلمة بما هو مذكور هنا ، فإنه قال : إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فهذه الكلمة المذكورة سابقا وهذا تفسير لها ، والمراد بجند الله حزبه وهم الرسل وأتباعهم .

قال الشيباني : جاء هنا على الجمع : يعني قوله : لهم الغالبون من أجل أنه رأس آية ، وهذا الوعد لهم بالنصر والغلبة لا ينافيه انهزامهم في بعض المواطن وغلبة الكفار لهم ، فإن الغالب في كل موطن هو انتصارهم على الأعداء وغلبته لهم ، فخرج الكلام مخرج الغالب ، على أن العاقبة المحمودة لهم على كل حال وفي كل موطن كما قال - سبحانه - : والعاقبة للمتقين [ الأعراف : 128 ] .

ثم أمر الله - سبحانه - رسوله بالإعراض عنهم والإغماض عما يصدر منهم من الجهالات والضلالات فقال : فتول عنهم حتى حين أي : أعرض عنهم إلى مدة معلومة عند الله - سبحانه - ، وهي مدة الكف عن القتال . قال السدي ومجاهد : حتى نأمرك بالقتال . وقال قتادة : إلى الموت ، وقيل : إلى يوم بدر ، وقيل : إلى يوم فتح مكة ، وقيل : هذه الآية منسوخة بآية السيف .

وأبصرهم فسوف يبصرون أي : وأبصرهم إذا نزل بهم العذاب بالقتل [ ص: 1254 ] والأسر فسوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار ، وعبر بالإبصار عن قرب الأمر أي : فسوف يبصرون عن قريب .

وقيل : المعنى : فسوف يبصرون العذاب يوم القيامة .

ثم هددهم بقوله - سبحانه - : أفبعذابنا يستعجلون كانوا يقولون من فرط تكذيبهم : متى هذا العذاب ؟ .

فإذا نزل بساحتهم أي : إذا نزل عذاب الله لهم بفنائهم ، والساحة في اللغة : فناء الدار الواسع . قال الفراء : نزل بساحتهم ونزل بهم سواء . قال الزجاج : وكان عذاب هؤلاء بالقتل ، قيل : المراد به نزول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بساحتهم يوم فتح مكة .

قرأ الجمهور نزل مبنيا للفاعل . وقرأ عبد الله بن مسعود على البناء للمفعول ، والجار والمجرور قائم مقام الفاعل فساء صباح المنذرين أي : بئس صباح الذين أنذروا بالعذاب والمخصوص بالذم محذوف أي : صباحهم .

وخص الصباح بالذكر لأن العذاب كان يأتيهم فيه .

ثم كرر - سبحانه - ما سبق تأكيدا للوعد بالعذاب فقال : وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون وحذف مفعول " أبصر " هاهنا وذكره أولا إما لدلالة الأول عليه فتركه هنا اختصارا ، أو قصدا إلى التعميم للإيذان بأن ما يبصره من أنواع عذابهم لا يحيط به الوصف .

وقيل : هذه الجملة المراد بها أحوال القيامة ، والجملة الأولى المراد بها عذابهم في الدنيا ، وعلى هذا فلا يكون من باب التأكيد ، بل من باب التأسيس .

ثم نزه - سبحانه - نفسه عن قبيح ما يصدر منهم فقال : سبحان ربك رب العزة عما يصفون العزة الغلبة والقوة ، والمراد تنزيهه عن كل ما يصفونه به مما لا يليق بجنابه الشريف ، و ( رب العزة ) بدل من ربك .

ثم ذكر ما يدل على تشريف رسله وتكريمهم فقال : وسلام على المرسلين أي : الذين أرسلهم إلى عباده وبلغوا رسالاته ، وهو من السلام الذي هو التحية ، وقيل : معناه : أمن لهم وسلامة من المكاره .

والحمد لله رب العالمين إرشاد لعباده إلى حمده على إرسال رسله إليهم مبشرين ومنذرين ، وتعليم لهم كيف يصنعون عند إنعامه عليهم وما يثنون عليه به ، وقيل : إنه الحمد على هلاك المشركين ونصر الرسل عليهم ، والأولى أنه حمد لله - سبحانه - على كل ما أنعم به على خلقه أجمعين كما يفيده حذف المحمود عليه ، فإن حذفه مشعر بالتعميم كما تقرر في علم المعاني ، والحمد هو الثناء الجميل بقصد التعظيم .

وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال : زعم أعداء الله أنه - تبارك وتعالى - هو وإبليس أخوان .

وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله فإنكم وما تعبدون قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون : يعني الآلهة ما أنتم عليه بفاتنين قال : بمضلين إلا من هو صالي الجحيم يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عنه أيضا في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم ولا أضل منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن مردويه عنه أيضا في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم .

وأخرج ، عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عنه أيضا في قوله : وما منا إلا له مقام معلوم قال الملائكة : وإنا لنحن الصافون قال الملائكة : وإنا لنحن المسبحون قال : الملائكة .

وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن عائشة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم ، وذلك قول الملائكة وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وأخرج محمد بن نصر وابن عساكر عن العلاء بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال يوما لأصحابه أطت السماء وحق لها أن تئط ، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد ، ثم قرأ وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون .

وأخرج ، عبد الرزاق ، والفريابي وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : " إن من السماوات لسماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه قائما أو ساجدا ، ثم قرأ وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون " .

وأخرج الترمذي وحسنه ابن جرير ، وابن مردويه عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون ، إن السماء أطت وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله وقد ثبت في الصحيح وغيره أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر الصحابة أن يصفوا كما تصف الملائكة عند ربهم ، فقالوا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم قال : يقيمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف .

وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : لو أن عندنا ذكرا من الأولين قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا بالكتاب فسوف يعلمون .

وأخرج البخاري ، ومسلم وغيرهما عن أنس قال : " صبح رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خيبر وقد خرجوا بالمساحي ، فلما نظروا إليه قالوا : محمد والخميس ، فقال : الله أكبر خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين . الحديث .

وأخرج ابن سعد ، وابن مردويه من طريق سعيد عن قتادة عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : إذا سلمتم على المرسلين فسلموا علي فإنما أنا بشر من المرسلين .

وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام عن قتادة عن أنس مرفوعا نحوه بأطول منه .

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد وأبو يعلى ، وابن مردويه عن أبي سعيد عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال : سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من الصلاة بقوله : سبحان ربك إلى [ ص: 1255 ] آخر الآية .

وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد .

وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال من قال دبر كل صلاة : سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ثلاث مرات ، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر .

وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب نحوه .

وإلى هنا انتهى الجزء الثالث من هذا التفسير المبارك بمعونة الله ، المقبول بفضل الله ، بقلم مصنفه الحقير " محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما " ، في نهار الخميس الحادي والعشرين من شهر محرم الحرام من شهور سنة تسع وعشرين ومائتين وألف من الهجرة النبوية ، حامدا لله شاكرا له مصليا مسلما على رسوله وآله ، ويتلوه إن شاء الله تفسير سورة ص .

انتهى سماع هذا الجزء على مؤلفه حفظه الله في يوم الاثنين غرة شهر جمادى الآخرة سنة 1239 ه .

كتبه يحيى بن علي الشوكاني غفر الله لهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية