فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
تفسير سورة ص

وهي مكية : قال القرطبي : في قول الجميع . وأخرج ابن الضريس والنحاس ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت سورة " ص " بمكة وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعبد بن حميد ، والترمذي وصححه ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : " لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل ، فقال : إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ويقول ويقول ، فلو بعثت إليه فنهيته ، فبعث إليه ، فجاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فدخل البيت ، وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل ، فخشي أبو جهل أن يجلس إلى أبي طالب ويكون أرقى عليه ، فوثب فجلس في ذلك المجلس ، فلم يجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مجلسا قرب عمه ، فجلس عند الباب ، فقال له أبو طالب أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك ؟ يزعمون أنك تشتم آلهتهم ، وتقول وتقول ، قال : وأكثروا عليه من القول ، وتكلم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها العجم الجزية ، ففزعوا لكلمته ولقوله ، فقال القوم : كلمة واحدة نعم وأبيك عشرا ، قالوا فما هي ؟ قال : لا إله إلا الله ، فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم ، وهم يقولون : أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب [ ص : 5 ] فنزل فيهم ص والقرآن ذي الذكر إلى قوله : بل لما يذوقوا عذاب [ ص : 1 - 8 ] .

بسم الله الرحمن الرحيم

ص والقرآن ذي الذكر ( 1 ) بل الذين كفروا في عزة وشقاق ( 2 ) كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص ( 3 ) وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب ( 4 ) أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ( 5 ) وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد ( 6 ) ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق ( 7 ) أؤنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب ( 8 ) أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب ( 9 ) أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب ( 10 ) جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ( 11 )

قوله : ص قرأ الجمهور بسكون الدال كسائر حروف التهجي في أوائل السور فإنها ساكنة الأواخر على الوقف .

وقرأ أبي بن كعب ، والحسن ، وابن أبي إسحاق ونصر بن عاصم وابن أبي عبلة وأبو السماك بكسر الدال من غير تنوين ، ووجه الكسر أنه لالتقاء الساكنين ، وقيل : وجه الكسر أنه من صادى يصادي إذا عارض والمعنى صاد القرآن بعملك أي : عارضه بعملك وقابله فاعمل به ، وهذا حكاه النحاس عن الحسن البصري وقال : إنه فسر قراءته هذه بهذا ، وعنه أن المعنى : اتله وتعرض لقراءته .

وقرأ عيسى بن عمر : " صاد " بفتح الدال ، والفتح لالتقاء الساكنين ، وقيل : نصب على الإغراء .

وقيل : معناه : صاد محمد قلوب الخلق واستمالها حتى آمنوا به ، ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو ، وروي عن ابن أبي إسحاق أيضا أنه قرأ " صاد " بالكسر والتنوين تشبيها لهذا الحرف بما هو غير متمكن من الأصوات .

وقرأ هارون الأعور ، وابن السميفع " صاد " بالضم من غير تنوين على البناء نحو : منذ وحيث .

وقد اختلف في معنى " صاد " فقال الضحاك : معناه صدق الله . وقال عطاء : صدق محمد . وقال سعيد بن جبير : هو بحر يحيي الله به الموتى بين النفختين . وقال محمد بن كعب : هو مفتاح اسم الله . وقال قتادة : هو اسم من أسماء الله . وروي عنه أنه قال : هو اسم من أسماء الرحمن . وقال مجاهد : هو فاتحة السورة . وقيل : هو مما استأثر الله بعلمه ، وهذا هو الحق كما قدمنا في فاتحة سورة البقرة .

قيل : وهو إما اسم للحروف مسرودا على نمط التعبد ، أو اسم للسورة ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو منصوب بإضمار اذكر أو اقرأ ، والواو في قوله : والقرآن ذي الذكر هي واو القسم ، والإقسام بالقرآن فيه تنبيه على شرف قدره وعلو محله ، ومعنى ذي الذكر أنه مشتمل على الذكر الذي فيه بيان كل شيء .

قال مقاتل : معنى ذي الذكر ذي البيان .

وقال الضحاك : ذي الشرف كما في قوله : لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم [ الأنبياء : 10 ] [ ص: 1256 ] أي : شرفكم ، وقيل : أي : ذي الموعظة .

واختلف في جواب هذا القسم ما هو ؟ فقال الزجاج والكسائي والكوفيون غير الفراء : إنه قوله : إن ذلك لحق [ ص : 64 ] وقال الفراء : لا نجده مستقيما لتأخره جدا عن قوله : والقرآن ورجح هو وثعلب أن الجواب قوله : كم أهلكنا وقال الأخفش : الجواب هو إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب [ ص : 14 ] وقيل : هو " صاد " ، لأن معناه حق ، فهو جواب لقوله والقرآن كما تقول حقا والله ، وجب والله .

ذكره ابن الأنباري وروي أيضا عن ثعلب والفراء ، وهو مبني على أن جواب القسم يجوز تقدمه وهو ضعيف .

وقيل : الجواب محذوف ، والتقدير : والقرآن ذي الذكر لتبعثن ونحو ذلك .

وقال ابن عطية تقديره ما الأمر كما يزعم الكفار ، والقول بالحذف أولى .

وقيل : إن قوله ص مقسم به ، وعلى هذا القول تكون الواو في والقرآن للعطف عليه ، ولما كان الإقسام بالقرآن دالا على صدقه ، وأنه حق ، وأنه ليس بمحل للريب .

قال - سبحانه - : بل الذين كفروا في عزة وشقاق فأضرب عن ذلك وكأنه قال : لا ريب فيه قطعا ، ولم يكن عدم قبول المشركين له لريب فيه .

بل هم في عزة عن قبول الحق أي : تكبر وتجبر .

وشقاق أي : وامتناع عن قبول الحق ، والعزة عند العرب : الغلبة والقهر ، يقال : من عز بز أي : من غلب سلب ، ومنه و وعزني في الخطاب [ ص : 23 ] أي : غلبني ، ومنه قول الشاعر :


يعز على الطريق بمنكبيه كما ابترك الخليع على القداح



والشقاق : مأخوذ من الشق وقد تقدم بيانه .

ثم خوفهم - سبحانه - وهددهم بما فعله بمن قبلهم من الكفار فقال كم أهلكنا من قبلهم من قرن يعني الأمم الخالية المهلكة بتكذيب الرسل أي : كم أهلكنا من الأمم الخالية الذين كانوا أمنع من هؤلاء وأشد قوة وأكثر أموالا ، و " كم " هي الخبرية الدالة على التكثير ، وهي في محل نصب بـ " أهلكنا " على أنها مفعول به ، و " من قرن " تمييز ، و " من " في من قبلهم هي لابتداء الغاية فنادوا ولات حين مناص النداء هنا : هو نداء الاستغاثة منهم عند نزول العذاب بهم ، وليس الحين حين مناص .

قال الحسن : نادوا بالتوبة وليس حين التوبة ولا حين ينفع العمل .

والمناص مصدر ناص ينوص ، وهو الفوت والتأخر ، ولات بمعنى ليس بلغة أهل اليمن .

وقال النحويون : هي لا التي بمعنى ليس زيدت عليها التاء كما في قولهم : رب وربت ، وثم وثمت قال الفراء : النوص التأخر ، وأنشد قول امرئ القيس :


أمن ذكر ليلى إذ نأتك تنوص



قال : يقال : ناص عن قرنه ينوص نوصا أي : فر وزاغ .

قال الفراء : ويقال : ناص ينوص : إذا تقدم .

وقيل : المعنى : أنه قال بعضهم لبعض : مناص ، أي : عليكم بالفرار والهزيمة ، فلما أتاهم العذاب قالوا : مناص ، فقال الله : ولات حين مناص قال سيبويه : لات مشبهة بليس ، والاسم فيها مضمر أي : ليس حيننا حين مناص .

قال الزجاج : التقدير وليس أواننا .

قال ابن كيسان : والقول كما قال سيبويه ، والوقف عليها عند الكسائي بالهاء ، وبه قال المبرد والأخفش .

قال الكسائي والفراء والخليل وسيبويه والأخفش : والتاء تكتب منقطعة عن " حين " ، وكذلك هي في المصاحف .

وقال أبو عبيد : تكتب متصلة بـ " حين " ، فيقال : " ولا تحين " ومنه قول أبي وجزة السعدي :


العاطفون تحين ما من عاطف     والمطعمون زمان ما من مطعم



وقد يستغنى بحين عن المضاف إليه كما قال الشاعر :


تذكر حب ليلى لات حينا     وأمسى الشيب قد قطع القرينا



قال أبو عبيد : لم نجد العرب تزيد هذه التاء إلا في حين وأوان والآن .

قلت : بل قد يزيدونها في غير ذلك كما في قول الشاعر :


فلتعرفن خلائقا مشمولة     ولتندمن ولات ساعة مندم



وقد أنشد الفراء هذا البيت مستدلا به على أن من العرب من يخفض بها ، وجملة ولات حين مناص في محل نصب على الحال من ضمير نادوا .

قرأ الجمهور لات بفتح التاء ، وقرئ " لات " بالكسر كجير .

وعجبوا أن جاءهم منذر منهم أي : عجب الكفار الذين وصفهم الله - سبحانه - بأنهم في عزة وشقاق أن جاءهم منذر منهم أي : رسول من أنفسهم ينذرهم بالعذاب إن استمروا على الكفر ، و " أن " وما في حيزها في محل نصب بنزع الخافض أي : من أن جاءهم ، وهو كلام مستأنف مشتمل على ذكر نوع من أنواع كفرهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب قالوا هذا القول لما شاهدوا ما جاء به من المعجزات الخارجة عن قدرة البشر أي : هذا المدعي للرسالة ساحر فيما يظهره من المعجزات كذاب فيما يدعيه من أن الله أرسله .

قيل : ووضع الظاهر موضع المضمر لإظهار الغضب عليهم وأن ما قالوه لا يتجاسر على مثله إلا المتوغلون في الكفر .

ثم أنكروا ما جاء به - صلى الله عليه وآله وسلم - من التوحيد وما نفاه من الشركاء لله فقالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا أي : صيرها إلها واحدا وقصرها على الله - سبحانه - إن هذا لشيء عجاب أي : لأمر بالغ في العجب إلى الغاية . قال الجوهري : العجيب الأمر الذي يتعجب منه وكذلك العجاب بالضم والعجاب بالتشديد أكثر منه قرأ الجمهور عجاب مخففا . وقرأ علي ، والسلمي ، وعيسى بن عمر ، وابن مقسم بتشديد الجيم .

قال مقاتل : عجاب يعني بالتخفيف لغة أزد شنوءة ، قيل : والعجاب بالتخفيف والتشديد يدلان على أنه قد تجاوز الحد في العجب ، كما يقال : الطويل الذي فيه طول ، والطوال الذي قد تجاوز حد الطول وكلام الجوهري يفيد اختصاص المبالغة بعجاب مشدد الجيم لا بالمخفف ، وقد قدمنا في صدر هذه السورة سبب نزول هذه الآيات .

وانطلق الملأ منهم المراد بالملأ : الأشراف كما هو مقرر في غير موضع من تفسير الكتاب العزيز أي : انطلقوا من مجلسهم الذي كانوا فيه عند أبي طالب كما تقدم قائلين أن امشوا أي : قائلين [ ص: 1257 ] لبعضهم بعضا امضوا على ما كنتم عليه ولا تدخلوا في دينه واصبروا على آلهتكم أي : اثبتوا على عبادتها ، وقيل : المعنى : وانطلق الأشراف منهم فقالوا للعوام امشوا واصبروا على آلهتكم ، و ( أن ) في قوله : أن امشوا هي المفسرة للقول المقدر ، أو لقوله وانطلق لأنه مضمن معنى القول ، ويجوز أن تكون مصدرية معمولة للمقدر أو للمذكور أي : بأن امشوا .

وقيل : المراد بالانطلاق : الاندفاع في القول ، وامشوا من مشت المرأة إذا كثرت ولادتها أي : اجتمعوا وأكثروا ، وهو بعيد جدا ، وخلاف ما يدل عليه الانطلاق والمشي بحقيقتهما ، وخلاف ما تقدم في سبب النزول ، وجملة إن هذا لشيء يراد تعليل لما تقدمه من الأمر بالصبر أي : يريده محمد بنا وبآلهتنا ، ويود تمامه ليعلو علينا ، وتكون له أتباعا فيتحكم فينا بما يريد ، فيكون هذا الكلام خارجا مخرج التحذير منه والتنفير عنه .

وقيل : المعنى : إن هذا الأمر يريده الله - سبحانه - ، وما أراده فهو كائن لا محالة ، فاصبروا على عبادة آلهتكم .

وقيل : المعنى : إن دينكم لشيء يراد أي : يطلب ليؤخذ منكم وتغلبوا عليه ، والأول أولى .

ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة أي : ما سمعنا بهذا الذي يقوله محمد من التوحيد في الملة الآخرة .

وهي ملة النصرانية فإنها آخر الملل قبل ملة الإسلام ، كذا قال محمد بن كعب القرظي ، وقتادة ومقاتل والكلبي والسدي .

وقال مجاهد : يعنون ملة قريش ، وروي مثله عن قتادة أيضا .

وقال الحسن : المعنى ما سمعنا : أن هذا يكون آخر الزمان .

وقيل : المعنى : ما سمعنا من اليهود والنصارى أن محمدا رسول إن هذا إلا اختلاق أي : ما هذا إلا كذب اختلقه محمد وافتراه .

ثم استنكروا أن يخص الله رسوله بمزية النبوة دونهم فقالوا : أؤنزل عليه الذكر من بيننا والاستفهام للإنكار أي : كيف يكون ذلك ونحن الرؤساء والأشراف .

قال الزجاج : قالوا كيف أنزل على محمد القرآن من بيننا ونحن أكبر سنا وأعظم شرفا منه ، وهذا مثل قولهم : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم [ الزخرف : 31 ] فأنكروا أن يتفضل الله - سبحانه - على من يشاء من عباده بما شاء .

ولما ذكر استنكارهم لنزول القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - دونهم بين السبب الذي لأجله تركوا تصديق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما جاء به ، فقال : بل هم في شك من ذكري أي : من القرآن أو الوحي لإعراضهم عن النظر الموجب لتصديقه وإهمالهم للأدلة الدالة على أنه حق منزل من عند الله بل لما يذوقوا عذاب أي : بل السبب أنهم لم يذوقوا عذابي فاغتروا بطول المهلة ، ولو ذاقوا عذابي على ما هم عليه من الشرك والشك لصدقوا ما جئت به من القرآن ولم يشكوا فيه .

أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب أي : مفاتيح نعم ربك وهي النبوة وما هو دونها من النعم حتى يعطوها من شاءوا ، فما لهم ولإنكار ما تفضل الله به على هذا النبي واختاره له واصطفاه لرسالته .

والمعنى : بل أعندهم ، لأن أم هي المنقطعة المقدرة ببل والهمزة . والعزيز الغالب القاهر . والوهاب : المعطي بغير حساب .

أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما أي : بل ألهم ملك هذه الأشياء حتى يعطوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ، ويعترضوا على إعطاء الله - سبحانه - ما شاء لمن شاء ، وقوله : فليرتقوا في الأسباب جواب شرط محذوف أي : إن كان لهم ذلك فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء وإلى العرش حتى يحكموا بما يريدون من عطاء ومنع ويدبروا أمر العالم بما يشتهون ، أو فليصعدوا ، وليمنعوا الملائكة من نزولهم بالوحي على محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - .

والأسباب : أبواب السماوات التي تنزل الملائكة منها .

قاله مجاهد ، وقتادة ، ومنه قول زهير :


ولو رام أسباب السماء بسلم



قال الربيع بن أنس : الأسباب أدق من الشعر ، وأشد من الحديد ولكن لا ترى . وقال السدي في الأسباب في الفضل والدين . وقيل : فليعملوا في أسباب القوة إن ظنوا أنها مانعة وهو قول أبي عبيدة . وقيل : الأسباب الحبال : يعني إن وجدوا حبالا يصعدون فيها إلى السماء فعلوا ، والأسباب عند أهل اللغة كل شيء يتوصل به إلى المطلوب كائنا ما كان . وفي هذا الكلام تهكم بهم وتعجيز لهم .

جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب هذا وعد من الله - سبحانه - لنبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - بالنصر عليهم والظفر بهم ، و ( جند ) مرتفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هم جند ، يعني الكفار ( مهزوم ) مكسور عما قريب ، فلا تبال بهم ولا تظن أنهم يصلون إلى شيء مما يضمرونه بك من الكيد ، و ( ما ) في قوله : ما هنالك هي صفة ل ( جند ) لإفادة التعظيم والتحقير أي : جند أي جند .

وقيل : هي زائدة ، يقال : هزمت الجيش كسرته ، وتهزمت القرية : إذا تكسرت ، وهذا الكلام متصل بما تقدم ، وهو قوله : بل الذين كفروا في عزة وشقاق وهم جند من الأحزاب مهزومون ، فلا تحزن لعزتهم وشقاقهم ، فإني أسلب عزهم وأهزم جمعهم ، وقد وقع ذلك ولله الحمد في بدر وفيما بعده من مواطن الله .

وقد أخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال : سئل جابر بن عبد الله وابن عباس عن ص فقال : لا ندري ما هو . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : ص محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - .

وأخرج ابن جرير عنه والقرآن ذي الذكر قال : ذي الشرف .

وأخرج أبو داود الطيالسي ، وعبد الرزاق ، والفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه عن التميمي قال : سألت ابن عباس عن قول الله - تعالى - : فنادوا ولات حين مناص قال : ليس بحين نزو ولا فرار .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عنه في الآية قال : نادوا النداء حين ينفعهم ، وأنشد :


تذكرت ليلى لات حين تذكر     وقد بنت منها والمناص بعيد



وأخرج عنه أيضا في الآية قال : ليس هذا حين زوال .

وأخرج ابن المنذر من طريق عطية عنه أيضا قال : لا حين فرار .

وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن ابن عباس في [ ص: 1258 ] قوله : وانطلق الملأ منهم الآية قال : نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب فكلموه في النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - .

وأخرج ابن مردويه عنه وانطلق الملأ منهم قال : أبو جهل .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة قال : النصرانية .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : فليرتقوا في الأسباب قال : في السماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية