صفحة جزء
فائدة

أما الآية فلها في اللغة ثلاثة معان :

أحدها : جماعة الحروف ; قال أبو عمرو الشيباني : تقول العرب : خرج القوم بآيتهم ، أي : بجماعتهم .

ثانيها : الآية : العجب ; تقول العرب : فلان آية في العلم وفي الجمال ، قال الشاعر :

آية في الجمال ليس له في الـ حسن شبه وما له من نظير

فكأن كل آية عجب في نظمها والمعاني المودعة فيها .

ثالثها : العلامة ; تقول العرب : خربت دار فلان وما بقي فيها آية ، أي : علامة ، فكأن كل آية في القرآن علامة ودلالة على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - .

واختلف في وزنها ; فقال سيبويه : " فعلة " بفتح العين ، وأصلها " أيية " تحركت الياء [ ص: 364 ] وانفتح ما قبلها فجاءت آية . وقال الكسائي : أصلها " آيية " على وزن " فاعلة " حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة .

وأما في الاصطلاح فقال الجعبري في كتاب " المفرد في معرفة العدد " : " حد الآية قرآن مركب من جمل ولو تقديرا ، ذو مبدأ ومقطع مندرج في سورة ، وأصلها العلامة ، ومنه : إن آية ملكه ( البقرة : 248 ) ; لأنها علامة للفضل والصدق ، أو الجماعة ; لأنها جماعة كلمة .

وقال غيره : الآية طائفة من القرآن منقطعة عما قبلها وما بعدها ، ليس بينها شبه بما سواها .

وقيل : هي الواحدة من المعدودات في السور ; سميت به لأنها علامة على صدق من أتى بها ، وعلى عجز المتحدى بها .

وقيل : لأنها علامة انقطاع ما قبلها من الكلام وانقطاعها عما بعدها . قال الواحدي : " وبعض أصحابنا يجوز على هذا القول تسمية أقل من الآية آية ; لولا أن التوقيف ورد بما هي عليه الآن .

وقال ابن المنير في " البحر " : ليس في القرآن كلمة واحدة آية إلا مدهامتان ( الرحمن : 64 ) .

وقال بعضهم : الصحيح أنها إنما تعلم بتوقيف من الشارع ، لا مجال للقياس فيه كمعرفة السورة ، فالآية طائفة حروف من القرآن ، علم بالتوقيف انقطاعها معنى عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن ، وعن الكلام الذي قبلها في آخر القرآن ، وعن الكلام الذي قبلها [ ص: 365 ] والكلام الذي بعدها في غيرهما ، غير مشتمل على مثل ذلك . قال : وبهذا القيد خرجت السورة .

وقال الزمخشري : " الآيات علم توقيف لا مجال للقياس فيه ، فعدوا : الم آية حيث وقعت من السورة المفتتح بها ، وهي ست ( البقرة ، وآل عمران ، والعنكبوت ، والروم ، ولقمان ، والسجدة ) ، وكذلك : ( المص ) آية ( الأعراف ) ، و ( المر ) ( الرعد ) ، لم تعد آية ، و ( الر ) ( يونس ، هود ، يوسف ، إبراهيم ، والحجر ) ، ليست بآية في سورها الخمس ، و ( طسم ) آية في سورتيها ( الشعراء والقصص ) و ( طه ) و ( يس ) آيتان ، و ( طس ) ( النمل ) ليست بآية ، و ( حم ) آية في سورها كلها ، و ( حم عسق ) ( الشورى ) آيتان ، و ( كهيعص ) ( مريم ) آية واحدة ، و ( ص ) و ( ق ) و ( ن ) ثلاثتها لم تعد آية ; هذا مذهب الكوفيين ، ومن عداهم لم يعدوا شيئا منها آية .

وقال بعضهم : إنما عدوا ( يس ) آية ، ولم يعدوا ( طس ) ; لأن ( طس ) تشبه المفرد ، كقابيل في الزنة والحروف ، و ( يس ) تشبه الجملة من جهة أن أوله ياء ، وليس لنا مفرد أوله ياء .

وقال القاضي أبو بكر بن العربي : ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الفاتحة سبع آيات ، وسورة الملك ثلاثون آية ، وصح أنه قرأ العشر الآيات الخواتيم من سورة " آل عمران " . قال : وتعديد الآي من مفصلات القرآن ; ومن آياته طويل وقصير ، ومنه ما ينقطع ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام ، ومنه ما يكون في أثنائه ; كقوله : أنعمت عليهم ( الفاتحة : 7 ) على مذهب أهل المدينة ; فإنهم يعدونها آية ، وينبغي أن يعول في ذلك على فعل السلف .

وأما الكلمة فهي اللفظة الواحدة ، وقد تكون على حرفين ، مثل : " ما " و " لي " و " له " و " لك " ، وقد تكون أكثر ، وأكثر ما تكون عشرة أحرف مثل : ليستخلفنهم ( النور : 55 ) ، و أنلزمكموها ( هود : 28 ) ، و فأسقيناكموه ( الحجر : 22 ) ، وقد تكون [ ص: 366 ] الكلمة آية مثل : والفجر ، والضحى ، والعصر ، وكذلك الم ، و طه ، و يس ، و حم في قول الكوفيين ، و حم عسق عندهم كلمتان ، وغيرهم لا يسمي هذه آيات ; بل يقول : هذه فواتح لسور .

وقال أبو عمرو الداني : لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله : مدهامتان في سورة الرحمن ( الآية : 64 ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية