الثاني : استثنى الشيخ  
 nindex.php?page=showalam&ids=12671أبو عمرو بن الحاجب  قولنا : إن  
القراءات السبع متواترة ما ليس من قبيل الأداء ،  ومثله بالمد والإمالة وتخفيف الهمزة ; يعني فإنها ليست متواترة ، وهذا ضعيف ، والحق أن المد والإمالة لا شك في تواتر المشترك بينهما ، وهو المد من حيث هو مد ، والإمالة من حيث إنها إمالة ، ولكن اختلف القراء في  
تقدير المد ;  فمنهم من رآه طويلا ،      
[ ص: 467 ] ومنهم من رآه قصيرا ; ومنهم من بالغ في القصر ، ومنهم من تزايد ;  
فحمزة   nindex.php?page=showalam&ids=17274وورش  بمقدار ست لغات ، وقيل : خمس ، وقيل : أربع ، وعن  
عاصم  ثلاث ، وعن  
 nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي     : ألفان ونصف ، وقالون : ألفان ،  
والسوسي     : ألف ونصف .  
قال  
الداني  في " التيسير " : أطولهم مدا في الضربين جميعا - يعني المتصل والمنفصل -  
 nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش  وحمزة ،  ودونهما  
عاصم ،  ودونه  
ابن عامر   nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،  ودونهما  
أبو عمرو  من طريق  
أهل العراق ،   وقالون من طريق  
أبي نشيط  بخلاف عنه ، وهذا كله على التقريب من غير إفراط ، وإنما هو على مقدار مذاهبهم من التحقيق والحدر . انتهى كلامه .  
فعلم بهذا أن أصل المد متواتر ، والاختلاف والطرق إنما هو في كيفية التلفظ به .  
وكان  
 nindex.php?page=showalam&ids=14563الإمام أبو القاسم الشاطبي  رحمه الله يقرأ بمدتين : طولى  
 nindex.php?page=showalam&ids=17274لورش  وحمزة ،  ووسطى لمن بقي .  
وعن  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بن حنبل  أنه كره قراءة  
حمزة  لما فيها من طول المد وغيره ، فقال :      
[ ص: 468 ] لا تعجبني ، ولو كانت متواترة لما كرهها . وكذلك ذكر القراء أن  
الإمالة قسمان     : إمالة محضة ، وهي أن ينحى بالألف إلى الياء وتكون الياء أقرب ، وبالفتحة إلى الكسرة وتكون الكسرة أقرب ، وإمالة تسمى بين بين ، وهي كذلك إلا أن الألف والفتحة أقرب ، وهذه أصعب الإمالتين ، وهي المختارة عند الأئمة ، ولا شك في تواتر الإمالة أيضا ، وإنما اختلافهم في كيفيتها مبالغة وحضورا .  
أما  
تخفيف الهمزة     - وهو الذي يطلق عليه تخفيف وتليين وتسهيل ، أسماء مترادفة - فإنه يشمل أربعة أنواع من التخفيف ، وكل منها متواتر بلا شك .  
أحدها : النقل ، وهو  
نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ،  نحو : (  
قد أفلح     ) ( المؤمنون : 1 ) بنقل حركة الهمزة ، وهي الفتحة إلى دال قد وتسقط الهمز ، فيبقى اللفظ بدال مفتوحة بعدها فاء ، وهذا النقل قراءة  
نافع  من طريق  
 nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش  في حال الوصل والوقف ، وقراءة  
حمزة  في حال الوقف .  
الثاني : أن  
تبدل الهمزة حرف مد من جنس حركة ما قبلها إن كان قبلها فتحة أبدلت ألفها  نحو : " باس " ، وهذا البدل قراءة  
 nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو بن العلاء ،  ونافع  من طريق  
 nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش  في فاء الفعل ،  
وحمزة  إذا وقف على ذلك .  
الثالث :  
تخفيف الهمز ، بين بين ،  ومعناه أن تسهل الهمزة بينها وبين الحرف الذي منه حركتها ، فإن كانت مضمومة سهلت بين الهمزة والواو ، أو مفتوحة فبين الهمزة والألف ، أو مكسورة فبين الهمزة والياء ، وهذا يسمى إشماما ، وقرأ به كثير من القراء ، وأجمعوا عليه في قوله تعالى : (  
قل آلذكرين     ) ( الأنعام : 143 و 144 ) ، ونحوه ، وذكره النحاة عن لغات العرب .  
قال  
 nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب  في " تصريفه " : واغتفر التقاء الساكنين في نحو : آلحسن عندك ؟ وآيمن الله يمينك ؟ وهو في كل كلمة أولها همزة وصل مفتوحة ، ودخلت همزة الاستفهام عليها ، وذلك ما فيه لام التعريف مطلقا ، وفي ايمن الله وايم الله خاصة ، إذ لا ألف وصل مفتوحة      
[ ص: 469 ] سواها ; وإنما فعلوا ذلك خوف لبس الخبر بالاستخبار ، ألا ترى أنهم لو قالوا : ألحسن عندك ؟ وحذفوا همزة الوصل على القياس في مثلها لم يعلم أستخبار هو أم خبر ؟ فأتوا بهذه عوضا عن همزة الوصل قبل الساكن ، فصار قبل الساكن مدة ، فقالوا : آلحسن عندك ؟ وكذلك آيمن الله يمينك ؟ فيما ذكره .  
وبعض العرب يجعل همزة الوصل فيما ذكرنا بين بين ، ويقول : آلحسن عندك ؟ وآيمن الله يمينك ؟ فيما ذكرنا ، وقد جاء عن القراء بالوجهين في مثل ذلك ، والمشهور الأول ، وقد أشار الصحابة - رضي الله عنهم - إلى التسهيل بين بين في رسم المصاحف العثمانية ، فكتبوا صورة الهمزة الثانية في قوله تعالى في سورة آل عمران : "
قل أؤنبئكم     " ( آل عمران : 15 ) واوا على إرادة التسهيل بين بين ، قاله  
الداني  وغيره .  
الرابع :  
تخفيف الإسقاط     ; وهو أن تسقط الهمزة رأسا . وقد قرأ به  
أبو عمرو  في الهمزتين من كلمتين إذا اتفقتا في الحركة ، فأسقط الأولى منهما على رأي  
الشاطبي ،  وقيل : الثانية في نحو : (  
جاء أجلهم     ) ( النحل : 61 ) ، ووافقه على ذلك في المفتوحتين  
نافع  من طريق قالون ،  
وابن كثير  من طريق  
البزي ،  وجاء هذا الإسقاط في كلمة واحدة في قراءة  
 nindex.php?page=showalam&ids=16832قنبل ،  عن  
ابن كثير  في : (  
أين شركاي الذين كنتم تشاقون فيهم     ) ( النحل : 27 ) بإسقاط همزة شركائي .