صفحة جزء
فائدة

اختلف في أرجى آية في القرآن على بضعة عشر قولا :

الأول : آية " الدين " ومأخذه أن الله تعالى أرشد عباده إلى مصالحهم الدنيوية حتى انتهت العناية بمصالحهم إلى أن أمرهم بكتابة الدين الكبير والحقير ، فبمقتضى ذلك يرجى عفو الله تعالى عنهم ، لظهور أمر العناية العظيمة بهم ، حتى في مصلحتهم الحقيرة .

الثاني : ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة ( النور : 22 ) إلى قوله : ألا تحبون أن يغفر الله لكم ( الآية : 22 ) وهذا رواه مسلم في الصحيح إثر حديث الإفك ، عن الإمام الجليل عبد الله بن المبارك .

[ ص: 79 ] الثالث : قال الشبلي في قوله تعالى : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ( الأنفال : 38 ) فالله تعالى لما أذن للكافرين بدخول الباب إذا أتوا بالتوحيد والشهادة ، أتراه يخرج الداخل فيها والمقيم عليها ! .

الرابع : قوله تعالى : وهل نجازي إلا الكفور ( سبأ : 17 ) .

الخامس : قوله إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى ( طه : 48 ) .

السادس : قوله تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ( الشورى : 30 ) .

السابع : قوله تعالى : قل كل يعمل على شاكلته ( الإسراء : 84 ) .

الثامن : قوله تعالى : ولسوف يعطيك ربك فترضى ( الضحى : 5 ) .

حكى هذه الأقوال الخمسة الأخيرة الشيخ محيي الدين في " رءوس المسائل " .

التاسع : رأيت في مناقب الشافعي للإمام أبي محمد إسماعيل الهروي صاحب الحاكم بإسناده عن ابن عبد الحكم ، قال : سألت الشافعي : أي آية أرجى ؟ قال : قوله تعالى : يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ( البلد : 15 و 16 ) قال : وسألته عن أرجى حديث للمؤمن ؟ قال : حديث : إذا كان يوم القيامة يدفع إلى كل مسلم رجل من الكفار فيذهب به إلى النار .

العاشر والحادي عشر : روى الحاكم في مستدركه عن محمد بن المنكدر ، قال : [ ص: 80 ] التقى ابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال ابن عباس : أي آية في كتاب الله أرجى عندك ، فقال عبد الله بن عمرو : ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ( الزمر : 53 ) ، قال : لكن قول إبراهيم : قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ( البقرة : 260 ) هذا لما في الصدور من وسوسة الشيطان ، فرضي الله تعالى من إبراهيم بقوله : قال أولم تؤمن قال بلى وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

وقال النحاس في سورة الأحقاف : فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ( الآية : 35 ) ، فقال : إن هذه الآية من أرجى آية في القرآن إلا أن ابن عباس قال : أرجى آية في القرآن : وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ( الرعد : 6 ) .

وأما أخوف آية فعن الإمام أبي حنيفة أنه قال : هي قوله تعالى : واتقوا النار التي أعدت للكافرين ( آل عمران : 131 ) ولو قيل لكم إنها : سنفرغ لكم أيها الثقلان ( الرحمن : 31 ) لكان له وجه ; ولهذا قال بعضهم : لو سمعت هذه الكلمة من خفير الحارة لم أنم .

التالي السابق


الخدمات العلمية