صفحة جزء
( الثالث ) : إطلاق اسم الكل على الجزء . قال - تعالى - : يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق ( البقرة : 19 ) أي أناملهم ؛ وحكمة التعبير عنها بالأصابع الإشارة إلى أنهم يدخلون أناملهم في آذانهم بغير المعتاد ، فرارا من الشدة ، فكأنهم جعلوا الأصابع . وقال - تعالى : فاغسلوا وجوهكم وأيديكم ( المائدة : 6 ) واليد حقيقة إلى المنكب ، [ ص: 383 ] هذا إن جعلنا ( إلى ) بمعنى " مع " ، ولا يجب غسل جميع الوجه إذا ستره بعض الشعور الكثيفة .

وقوله : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ( المائدة : 38 ) والمراد هو البعض الذي هو الرسغ . وقال - تعالى - : ومن لم يطعمه ( البقرة : 249 ) أي من لم يذق . وقوله : تعجبك أجسامهم ( المنافقون : 4 ) والمراد وجوههم ؛ لأنه لم ير جملتهم .

ومنه قوله - تعالى - : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ( البقرة : 185 ) استشكله الإمام في تفسيره من جهة أن الجزاء إنما يكون بعد تمام الشرط ، والشرط أن يشهد الشهر ، وهو اسم لثلاثين يوما . وحاصل جوابه أنه أوقع الشهر وأراد جزءا منه ، وإرادة الكل باسم الجزء مجاز شهير . ونقل عن علي - رضي الله عنه - أن المعنى : من شهد أول الشهر فليصم جميعه ، وأن الشخص متى كان مقيما أو في البر ثم سافر ، يجب عليه صوم الجميع . والجمهور على أن هذا عام ، مخصص بقوله : فمن كان منكم مريضا الآية ( البقرة : 196 ) . ويتفرع على هذا أن من أدرك الجزء الأخير من رمضان : هل يلزمه صوم ما سبق إن كان مجنونا في أوله ؟ فيه قولان .

التالي السابق


الخدمات العلمية