صفحة جزء
[ ص: 430 ] تنبيه

جاء عن ابن مسعود : " ذكروا القرآن " ففهم منه ثعلب أن ما احتمل تأنيثه وتذكيره كان تذكيره أجود .

ورد بأنه يمتنع إرادة تذكير غير الحقيقي التأنيث ؛ لكثرة ما في القرآن منه بالتأنيث : النار وعدها الله ( الحج : 72 ) والتفت الساق بالساق ( القيامة : 29 ) قالت لهم رسلهم ( إبراهيم : 11 ) وإذا امتنع إرادة غير الحقيقي ، فالحقيقي أولى .

قالوا : ولا يستقيم إرادة أن ما احتمل التذكير والتأنيث غلب فيه التذكير ؛ لقوله تعالى : والنخل باسقات ( ق : 10 ) أعجاز نخل خاوية ( الحاقة : 7 ) فأنث مع جواز التذكير ، قال تعالى : أعجاز نخل منقعر ( القمر : 20 ) من الشجر الأخضر ( يس : 80 ) قال : فليس المراد ما فهم ، بل المراد الموعظة والدعاء ، كما قال تعالى : فذكر بالقرآن ( ق : 45 ) إلا أنه حذف الجار ، والمقصود : ذكروا الناس بالقرآن ، أي : ابعثوهم على حفظه كيلا ينسوه .

وقال الواحدي : إن قول ابن مسعود على ما ذهب إليه ثعلب ، والمراد : أنه إذا احتمل اللفظ التذكير والتأنيث ولم يحتج في التذكير إلى مخالفة المصحف ذكر ، نحو : ولا يقبل منها شفاعة ( البقرة : 48 ) .

قال : ويدل على إرادته هذا أن أصحاب عبد الله من قراء الكوفة كحمزة والكسائي ذهبوا إلى هذا فقرءوا ما كان من هذا القبيل بالتذكير ؛ نحو : " يوم يشهد عليهم ألسنتهم " ( النور : 24 ) وهذا في غير الحقيقي .

ضابط التأنيث ضربان

حقيقي وغيره ، فالحقيقي لا يحذف التأنيث من فعله غالبا ، إلا أن يقع فصل نحو : قام [ ص: 431 ] اليوم هند ، وكلما كثر الفصل حسن الحذف ، والإثبات مع الحقيقي أولى ما لم يكن جمعا .

وأما غير الحقيقي فالحذف فيه مع الفصل حسن ، قال تعالى : فمن جاءه موعظة ( البقرة : 275 ) فإن كثر الفصل ازداد حسنا ، ومنه : وأخذت الذين ظلموا الصيحة ( هود : 67 ) ويحسن الإثبات أيضا نحو : وأخذت الذين ظلموا الصيحة ( هود : 94 ) فجمع بينهما في سورة هود .

وأشار بعضهم إلى ترجيح الحذف واستدل عليه بأن الله تعالى قدمه عليه حيث جمع بينهما في سورة واحدة ، وفيما قاله نظر .

التالي السابق


الخدمات العلمية