صفحة جزء
( تنبيه ) قال سيبويه : لا يجوز إلغاء أرأيت كما يلغى : علمت أزيد عندك أم عمرو ؟ ولا يجوز هذا في أرأيت ، ولا بد من النصب إذا قلت : أرأيت زيدا أبو من هو ؟ قال : لأن دخول معنى " أخبرني " فيها لا يجعلها بمنزلة " أخبرني " في جميع أحوالها .

قال السهيلي : وظاهر القرآن يقتضي خلاف قوله ، وذلك أنها في القرآن ملغاة ، لأن الاستفهام مطلوبها ، وعليه وقعت في قوله : ( أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم ) ( العلق : 13 - 14 ) فقوله : ( ألم يعلم ) استفهام وعليه وقعت أرأيت ، وكذلك " أرأيتم " ، و " أرأيتكم " في الأنعام ، والاستفهام واقع بعدها نحو : ( هل يهلك إلا القوم الظالمون ) ( الأنعام : 47 ) و ( الفاسقون ) ( الأحقاف : 35 ) .

[ ص: 137 ] وهذا هو الذي منع سيبويه في " أرأيت " و " أرأيتك " ، ولا يقال : " أرأيتك أبو من أنت " ؟ قال : لكن الذي قاله سيبويه صحيح ، لكن إذا ولي الاستفهام " أرأيت " ولم يكن لها مفعول سوى الجملة .

وأما في هذه المواضع التي في التنزيل فليست الجملة المستفهم عنها هي مفعول " أرأيت " ، إنما مفعولها محذوف يدل عليه الشرط ، ولا بد من الشرط بعدها في هذه الصورة ، لأن المعنى أرأيتم صنيعكم إن كان كذا وكذا ؟ كما تقول : أرأيت إن لقيت العدو أتقاتل أم لا ؟ تقديره : أرأيت رأيك وصنعك إن لقيت العدو ؟ فحرف الشرط وهو " إن " دال على ذلك المحذوف ، ومرتبط به ، والجملة المستفهم عنها كلام مستأنف منقطع ، إلا أن فيها زيادة بيان لما يستفهم عنه ، ولو زال الشرط ووليها الاستفهام لقبح ، كما قال سيبويه ويحسن في " علمت " ، وهل " علمت " ، وهل " رأيت " ، وإنما قبحه مع " أرأيت " خاصة وهي التي دخلها معنى " أخبرني " .

التالي السابق


الخدمات العلمية