صفحة جزء
[ ص: 338 ] النوع الرابع عشر

معرفة تقسيمه بحسب سوره

وترتيب السور والآيات وعددها


قال العلماء - رضي الله عنهم - : القرآن العزيز أربعة أقسام : الطول ، والمئون ، والمثاني ، [ ص: 339 ] [ ص: 340 ] [ ص: 341 ] والمفصل .

وقد جاء ذلك في حديث مرفوع أخرجه أبو عبيد من جهة سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن أبي المليح ، عن واثلة بن الأسقع ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أعطيت السبع الطول مكان التوراة ، وأعطيت المئين مكان الإنجيل ، وأعطيت المثاني مكان الزبور ، وفضلت بالمفصل .

وهو حديث غريب ، وسعيد بن بشير فيه لين ، وأخرجه أبو داود الطيالسي في " مسنده " عن عمران ، عن قتادة به .

فالسبع الطول أولها " البقرة " ، وآخرها " براءة " ; لأنهم كانوا يعدون " الأنفال " و " براءة " سورة [ ص: 342 ] واحدة ، ولذلك لم يفصلوا بينهما ; لأنهما نزلتا جميعا في مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسميت طولا لطولها ، وحكي عن سعيد بن جبير أنه عد السبع الطول : " البقرة " ، و " آل عمران " ، و " النساء " ، و " المائدة " ، و " الأنعام " ، و " الأعراف " ، و " يونس " .

والطول - بضم الطاء - : جمع طولى ، كالكبر جمع كبرى ، قال أبو حيان التوحيدي : " وكسر الطاء مرذول " .

والمئون : ما ولي السبع الطول ; سميت بذلك لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها .

والمثاني : ما ولي المئين ; وقد تسمى سور القرآن كلها مثاني ، ومنه قوله تعالى : كتابا متشابها مثاني ( الزمر : 23 ) ، ولقد آتيناك سبعا من المثاني ( الحجر : 87 ) .

وإنما سمي القرآن كله مثاني ; لأن الأنباء والقصص تثنى فيه . ويقال : إن المثاني في قوله تعالى : ولقد آتيناك سبعا من المثاني ( الحجر : 87 ) هي آيات سورة الحمد ، سماها مثاني لأنها تثنى في كل ركعة .

والمفصل : ما يلي المثاني من قصار السور ، سمي مفصلا لكثرة الفصول التي بين السور بـ " بسم الله الرحمن الرحيم " وقيل : لقلة المنسوخ فيه . وآخره : قل أعوذ برب الناس ، وفي أوله اثنا عشر قولا :

أحدها : " الجاثية " .

ثانيها : " القتال " ، وعزاه الماوردي للأكثرين .

ثالثها : " الحجرات " .

رابعها : " ق " ، قيل : وهي أوله في مصحف عثمان - رضي الله عنه - وفيه حديث ذكره [ ص: 343 ] الخطابي في " غريبه " يرويه عيسى بن يونس ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن يعلى الطائفي ، قال : حدثني عثمان بن عبد الله بن أوس بن حذيفة ، عن جده ، أنه وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد ثقيف ، فسمع من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يحزب القرآن ، قال : وحزب المفصل من " ق " . وقيل : إن أحمد رواه في " المسند " ، وقال الماوردي في " تفسيره " : حكاه عيسى بن عمر عن كثير من الصحابة ; للحديث المذكور .

الخامس : " الصافات " .

السادس : " الصف " .

السابع : تبارك ; حكى هذه الثلاثة ابن أبي الصيف اليمني في " نكت التنبيه " .

الثامن : إنا فتحنا لك حكاه الدزماري في شرح التنبيه المسمى " رفع التمويه " .

التاسع : الرحمن حكاه ابن السيد في " أماليه على الموطأ " ، وقال : إنه كذلك في [ ص: 344 ] مصحف ابن مسعود . قلت : رواه أحمد في " مسنده " كذلك .

العاشر : هل أتى على الإنسان حين من الدهر .

الحادي عشر : سبح حكاه ابن الفركاح في تعليقه عن المرزوقي .

الثاني عشر : والضحى وعزاه الماوردي لابن عباس ; حكاه الخطابي في " غريبه " ووجهه بأن القارئ يفصل بين هذه السور بالتكبير ، قال : وهو مذهب ابن عباس وقراء مكة .

والصحيح عند أهل الأثر أن أوله " ق " ، قال أبو داود في " سننه " في باب تحزيب القرآن : حدثنا مسدد ، حدثنا قران بن تمام ، ح وحدثنا عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد سليمان بن حيان - وهذا لفظه - عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى ، عن عثمان بن عبد الله بن أوس ، عن جده أوس ، قال عبد الله بن سعيد في حديث أوس بن حذيفة قال : قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد ثقيف ، قال : فنزلت الأحلاف على المغيرة بن شعبة ، وأنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني مالك في قبة له ، قال مسدد : وكان في الوفد الذين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثقيف ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل ليلة بعد العشاء يحدثنا - قال أبو سعيد : قائما على رجليه ، ثم يقول : لا سواء ، كنا مستضعفين مستذلين - قال مسدد : بمكة - فلما خرجنا [ ص: 345 ] إلى المدينة كانت سجال الحرب بيننا وبينهم ، ندال عليهم ويدالون علينا ، فلما كانت ليلة ، أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه ، فقلت : لقد أبطأت علينا الليلة . قال : إنه طرأ علي حزبي من القرآن ; فكرهت أن أجيء حتى أتمه .

قال أوس : فسألت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف تحزبون القرآن ؟ فقالوا : ثلاث ، وخمس ، وسبع ، وتسع ، وإحدى عشرة ، وثلاث عشرة ، وحزب المفصل وحده .

رواه ابن ماجه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي خالد الأحمر به ، ورواه أحمد في " مسنده " عن عبد الرحمن بن مهدي ، وأبو يعلى الطائفي به .

وحينئذ فإذا عددت ثمانيا وأربعين سورة كانت التي بعدهن سورة " ق " .

بيانه : ثلاث : " البقرة " ، و " آل عمران " ، و " النساء " ، وخمس : " المائدة " ، و " الأنعام " ، و " الأعراف " ، و " الأنفال " ، و " براءة " ، وسبع : " يونس " ، و " هود " ، و " يوسف " ، و " الرعد " ، و " إبراهيم " ، و " الحجر " ، و " النحل " ، وتسع : " سبحان و " الكهف " ، و " مريم " ، و " طه " ، و " الأنبياء " ، و " الحج " ، و " المؤمنون " ، و " النور " ، و " الفرقان " ، وإحدى عشرة : " الشعراء " ، و " النمل " ، و " القصص " ، و " العنكبوت " ، و " الروم " ، و " لقمان " ، والم السجدة " ، و " الأحزاب " ، و " سبأ " ، و " فاطر " ، و " يس " ، وثلاث عشرة : " الصافات " ، و " ص " ، و " الزمر " ، و " غافر " ، و " حم السجدة " ، و " حم عسق " ، و " الزخرف " ، و " الدخان " و " الجاثية " و " الأحقاف " ، و " القتال " ، و " الفتح " ، و " الحجرات " ، ثم بعد ذلك حزب المفصل ، وأوله سورة " ق " ، وأما " آل حم " فإنه يقال : إن حم اسم من أسماء الله تعالى ، أضيفت هذه السورة إليه ، كما قيل : سور الله ; لفضلها وشرفها ، وكما قيل : بيت الله ، قال الكميت :

[ ص: 246 ]

وجدنا لكم في آل حم آية تأولها منا تقي ومعرب

وقد يجعل اسما للسورة ، ويدخل الإعراب عليها ويصرف ، ومن قال هذا قال في الجمع : الحواميم ; كما يقال : طس والطواسين . وكره بعض السلف - منهم محمد بن سيرين - أن يقال : الحواميم ; وإنما يقال : " آل حم " .

قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : " آل حم ديباج القرآن " .

وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : " إن لكل شيء لبابا ; ولباب القرآن حم ، أو قال : الحواميم " .

وقال مسعر بن كدام : " كان يقال لهن العرائس " ذكر ذلك كله أبو عبيد في " فضائل القرآن " .

وقال حميد بن زنجويه : " ثنا عبد الله ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن أبي عبد الله ، قال : إن مثل القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد منزلا ، فمر بأثر غيث ، فبينما هو يسير فيه ويتعجب منه إذ هبط على روضات دمثات ; فقال : عجبت من الغيث الأول ، فهذا أعجب [ ص: 347 ] وأعجب ; فقيل له : إن مثل الغيث الأول مثل عظم القرآن ; وإن مثل هؤلاء الروضات مثل " حم " في القرآن . أورده البغوي .

التالي السابق


الخدمات العلمية