صفحة جزء
[ ص: 370 ] النوع السادس والثلاثون .

في معرفة غريبه .

أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون منهم أبو عبيدة ، وأبو عمر الزاهد ، وابن دريد . ومن أشهرها كتاب العزيزي ، فقد أقام في تأليفه خمس عشرة سنة يحرره ، هو وشيخه أبو بكر بن الأنباري .

ومن أحسنها المفردات للراغب . ولأبي حيان في ذلك تأليف مختصر في كراسين .

قال ابن الصلاح : وحيث رأيت في كتب التفسير : ( قال أهل المعاني ) فالمراد به مصنفو الكتب في معاني القرآن ، كالزجاج ، والفراء ، والأخفش ، وابن الأنباري . انتهى .

وينبغي الاعتناء به فقد أخرج البيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعا : أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه .

وأخرج مثله عن عمر ، وابن عمر ، وابن مسعود موقوفا .

[ ص: 371 ] وأخرج من حديث ابن عمر مرفوعا : من قرأ القرآن فأعربه ، كان له بكل حرف عشرون حسنة ، ومن قرأه بغير إعراب كان له بكل حرف عشر حسنات .

[ ص: 372 ] المراد بإعرابه معرفة معاني ألفاظه ، وليس المراد به الإعراب المصطلح عليه عند النحاة ، وهو ما يقابل اللحن ; لأن القراءة مع فقده ليست قراءة ، ولا ثواب فيها .

وعلى الخائض في ذلك التثبت والرجوع إلى كتب أهل الفن ، وعدم الخوض بالظن فهذه الصحابة - وهم العرب العرباء وأصحاب اللغة الفصحى ومن نزل القرآن عليهم وبلغتهم - توقفوا في ألفاظ لم يعرفوا معناها ، فلم يقولوا فيها شيئا .

فأخرج أبو عبيد في الفضائل ، عن إبراهيم التيمي : أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله : وفاكهة وأبا [ عبس : 31 ] . فقال أي سماء تظلني ، أو أي أرض تقلني ، إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم .

وأخرج عن أنس : أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر وفاكهة وأبا . فقال هذه الفاكهة قد عرفناها ، فما الأب ؟ ثم رجع إلى نفسه ، فقال : إن هذا لهو الكلف يا عمر .

[ ص: 373 ] وأخرج من طريق مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : كنت لا أدري ما ( فاطر السماوات ) ، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها ، يقول : أنا ابتدأتها .

وأخرج ابن جرير ، عن سعيد بن جبير : أنه سئل عن قوله : وحنانا من لدنا [ مريم : 13 ] ؟ فقال : سألت عنها ابن عباس فلم يجب فيها شيئا .

وأخرج من طريق عكرمة ، عن ابن عباس قال : لا والله ، ما أدري ما حنانا .

وأخرج الفريابي : حدثنا إسرائيل ، حدثنا سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كل القرآن أعلمه إلا أربعا ( غسلين ) [ الحاقة : 36 ] ( وحنانا ) [ مريم : 13 ] و ( أواه ) [ التوبة : 114 ] ( والرقيم ) [ الكهف : 9 ] .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ، قتادة قال : قال ابن عباس : ما كنت أدري ما قوله ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق [ الأعراف : 89 ] حتى سمعت قول بنت ذي يزن : ( تعال أفاتحك ) .

تقول : تعال أخاصمك .

وأخرج من طريق مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : ما أدري ما الغسلين ! ولكني أظنه الزقوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية