صفحة جزء
أحد :

قال أبو حاتم في كتاب " الزينة " : هو اسم أكمل من الواحد ، ألا ترى أنك إذا قلت : فلان لا يقوم له واحد ، جاز في المعنى أن يقوم اثنان فأكثر ، بخلاف قولك : لا يقوم له أحد .

وفي الأحد خصوصية ليست في الواحد ; تقول : ليس في الدار واحد ، فيجوز أن يكون من الدواب والطير والوحش والإنس ، فيعم الناس وغيرهم ، بخلاف ليس في الدار أحد ، فإنه مخصوص بالآدميين دون غيرهم .

قال : ويأتي الأحد في كلام العرب بمعنى الأول وبمعنى الواحد ، فيستعمل في الإثبات وفي النفي ، نحو : قل هو الله أحد [ الإخلاص : 1 ] أي : واحد ، وأول : فابعثوا أحدكم بورقكم [ الكهف : 19 ] ، وبخلافهما فلا يستعمل إلا في النفي ، تقول ما جاءني من أحد ، ومنه : أيحسب أن لن يقدر عليه أحد [ البلد : 5 ] و أن لم يره أحد [ البلد : 7 ] فما منكم من أحد [ الحاقة : 47 ] ولا تصل على أحد [ التوبة : 84 ] ، وواحد يستعمل فيها مطلقا .

وأحد يستوي فيه المذكر والمؤنث ، قال تعالى لستن كأحد من النساء [ الأحزاب : 32 ] بخلاف الواحد ، فلا يقال كواحد من النساء ، بل كواحدة ، وأحد يصلح للإفراد والجمع .

قلت : ولهذا وصف قوله تعالى : فما منكم من أحد عنه حاجزين [ الحاقة : 47 ] بخلاف الواحد .

[ ص: 457 ] والأحد له جمع من لفظه ، وهو الأحدون والآحاد ، وليس للواحد جمع من لفظه ، فلا يقال : واحدون ، بل اثنان وثلاثة .

والأحد ممتنع الدخول في الضرب والعدد والقسمة وفي شيء من الحساب ، بخلاف الواحد . انتهى ملخصا . وقد تحصل من كلامه بينهما سبعة فروق .

وفي " أسرار التنزيل " للبارزي في سورة الإخلاص : فإن قيل : المشهور في كلام العرب أن الأحد يستعمل بعد النفي ، والواحد بعد الإثبات ، فكيف جاء ( أحد ) هنا بعد الإثبات ؟

قلنا : قد اختار أبو عبيد أنهما بمعنى واحد ، وحينئذ فلا يختص أحدهما بمكان دون الآخر ، وإن غلب استعمال ( أحد ) في النفي ، ويجوز أن يكون العدول هنا عن الغالب رعاية للفواصل . انتهى .

وقال الراغب في " مفردات القرآن " : أحد يستعمل على ضربين : أحدهما في النفي فقط ، والآخر في الإثبات .

فالأول لاستغراق جنس الناطقين ، ويتناول الكثير والقليل ، ولذلك صح أن يقال : ما من أحد فاضلين . كقوله تعالى : فما منكم من أحد عنه حاجزين [ الحاقة : 47 ] .

والثاني ، على ثلاثة أوجه :

الأول : المستعمل في العدد مع العشرات نحو : أحد عشر ، أحد وعشرين . :

والثاني : المستعمل مضافا إليه بمعنى الأول نحو : أما أحدكما فيسقي ربه خمرا [ يوسف : 41 ] .

والثالث : المستعمل وصفا مطلقا ، ويختص بوصف الله تعالى ، نحو : قل هو الله أحد [ الإخلاص : 1 ] وأصله وحد ، إلا أن وحدا يستعمل في غيره . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية