صفحة جزء
[ ص: 145 ] النوع الثالث عشر .

ما نزل مفرقا وما نزل جمعا .

الأول غالب القرآن‏ . ‏ ومن أمثلته في السور القصار‏ : ‏ اقرأ أول ما نزل منها ، إلى قوله : ‏ ‏ما لم يعلم . ‏ والضحى أول ما نزل منها ، إلى قوله : ‏ ‏فترضى‏ ‏ كما في حديث الطبراني .

ومن أمثلة الثاني‏ سورة الفاتحة ، والإخلاص ، والكوثر ، وتبت ، ولم يكن ، والنصر ، والمعوذتان نزلتا معا .

ومنه في السور الطوال ( المرسلات‏ ) . ‏ ففي المستدرك : عن ابن مسعود قال‏ : ‏ كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غار ، فنزلت عليه : والمرسلات عرفا ، فأخذتها من فيه وإن فاه رطب بها ، فلا أدري بأيها ختم فبأي حديث بعده يؤمنون [ المرسلات : 50 ] أو ‏ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون [ المرسلات : 48 ] .

ومنه سورة الصف ، لحديثها السابق في النوع الأول .

ومنه سورة الأنعام : فقد أخرج أبو عبيد والطبراني ، عن ابن عباس ، قال‏ : ‏ نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة ، حولها سبعون ألف ملك‏ .

وأخرج الطبراني من طريق يوسف بن عطية الصفار - وهو متروك - عن ابن عوف ، عن نافع ، عن ابن عمر قال‏ : ‏ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك ‏ .

وأخرج البيهقي في الشعب بسند فيه من لا يعرف : عن علي قال : أنزل القرآن خمسا خمسا إلا سورة الأنعام : فإنها نزلت جملة في ألف ، يشيعها من كل سماء سبعون ملكا حتى [ ص: 146 ] أدوها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وأخرج أبو الشيخ عن أبي بن كعب ، مرفوعا : أنزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة ، يشيعها سبعون ألف ملك

وأخرج عن مجاهد ، قال‏ : ‏ نزلت الأنعام كلها جملة واحدة ، معها خمسمائة ملك‏ .

وأخرج عن عطاء قال‏ : ‏ أنزلت الأنعام جميعا ومعها سبعون ألف ملك‏ .

فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا‏ .

وقال ابن الصلاح في فتاواه‏ : ‏ الحديث الوارد أنها نزلت جملة ، رويناه من طريق أبي بن كعب . وفي إسناده ضعف ، ولم نر له إسنادا صحيحا ، وقد روي ما يخالفه ، فروي أنها لم تنزل جملة واحدة ، بل نزلت آيات منها بالمدينة اختلفوا في عددها ، فقيل : ثلاث وقيل : غير ذلك . والله أعلم‏ .

التالي السابق


الخدمات العلمية