صفحة جزء
[ ص: 147 ] النوع الرابع عشر .

ما نزل مشيعا وما نزل مفردا .

قال ابن حبيب ، وتبعه ابن النقيب ; من القرآن ما نزل مشيعا ، وهو سورة الأنعام ، شيعها سبعون ألف ملك ، وفاتحة الكتاب ، نزلت ومعها ثمانون ألف ملك ، وآية الكرسي ، نزلت ومعها ثلاثون ألف ملك . وسورة يس نزلت ومعها ثلاثون ألف ملك . واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا [ الزخرف : 45 ] نزلت ومعها عشرون ألف ملك ، وسائر القرآن نزل به جبريل مفردا بلا تشييع .

قلت : أما سورة الأنعام فقد تقدم حديثها بطرقه . ومن طرقه - أيضا - ما أخرجه البيهقي في الشعب والطبراني بسند ضعيف ، عن أنس مرفوعا : نزلت سورة الأنعام ومعها موكب من الملائكة يسد ما بين الخافقين ، لهم زجل بالتقديس والتسبيح والأرض ترتج .

وأخرج الحاكم والبيهقي من حديث جابر ، قال : لما نزلت سورة الأنعام سبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق . قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ، لكن قال الذهبي : فيه انقطاع ، وأظنه موضوعا .

وأما الفاتحة وسورة يس و واسأل من أرسلنا : فلم أقف على حديث فيها بذلك ولا أثر .

وأما آية الكرسي : فقد ورد فيها وفي جميع آيات البقرة حديث ، أخرج أحمد في مسنده ، [ ص: 148 ] عن معقل بن يسار : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : البقرة سنام القرآن وذروته ، نزل مع كل آية منها ، ثمانون ملكا واستخرجت الله لا إله إلا هو الحي القيوم من تحت العرش فوصلت بها .

وأخرج سعيد بن منصور في سننه ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : خواتيم سورة البقرة جاء بها جبريل ، ومعه من الملائكة ما شاء الله .

وبقي سور أخرى ، منها : سورة الكهف ، قال ابن الضريس في فضائله : أخبرنا يزيد بن عبد العزيز الطيالسي : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن رافع ، قال : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ألا أخبركم بسورة ملء عظمتها ما بين السماء والأرض ، شيعها سبعون ألف ملك ؟ سورة الكهف .

تنبيه : لينظر في التوفيق بين ما مضى وبين ما أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح ، عن سعيد بن جبير قال : ما جاء جبريل بالقرآن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ومعه أربعة من الملائكة حفظة .

وأخرج ابن جرير ، عن الضحاك ، قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث إليه الملك ، بعث ملائكة يحرسونه من بين يديه ، ومن خلفه أن يتشبه الشيطان على صورة الملك .

فائدة : قال ابن الضريس : أخبرنا محمود بن غيلان ، عن يزيد بن هارون أخبرني الوليد : - يعني ابن جميل - عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : أربع آيات نزلت من كنز العرش ، لم ينزل منه شيء غيرهن : أم الكتاب وآية الكرسي وخاتمة سورة البقرة والكوثر .

[ ص: 149 ] قلت : أما الفاتحة : فقد أخرج البيهقي في الشعب من حديث أنس مرفوعا : إن الله أعطاني فيما من به علي : إني أعطيتك فاتحة الكتاب ، وهي من كنوز عرشي .

وأخرج الحاكم ، عن معقل بن يسار مرفوعا : أعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش .

وأخرج ابن راهويه في مسنده ، عن علي : أنه سئل عن فاتحة الكتاب ، فقال : حدثنا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أنها نزلت من كنز تحت العرش .

وأما آخر البقرة : فأخرج الدارمي في مسنده ، عن أيفع الكلاعي قال : قال رجل : يا رسول الله أي آية تحب أن تصيبك وأمتك ؟ قال : آخر سورة البقرة فإنها من كنز الرحمة من تحت عرش الله .

وأخرج أحمد وغيره من حديث عقبة بن عامر مرفوعا : اقرءوا هاتين الآيتين فإن ربي أعطانيهما من تحت العرش .

وأخرج من حديث حذيفة : أعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت [ ص: 150 ] العرش لم يعطها نبي قبلي .

وأخرج من حديث أبي ذر أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعطهن نبي قبلي .

وأخرج من حديث أبي ذر : أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش ، لم يعطهن نبي قبلي .

وله طرق كثيرة عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم .

وأما آية الكرسي : فتقدمت في حديث معقل بن يسار السابق .

وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ آية الكرسي ضحك ، وقال : إنها من كنز الرحمن تحت العرش .

وأخرج أبو عبيد ، عن علي قال : آية الكرسي أعطيها نبيكم من كنز تحت العرش ، ولم يعطها أحد قبل نبيكم .

[ ص: 151 ] وأما سورة الكوثر : فلم أقف فيها على حديث ، وقول أبي أمامة في ذلك يجري مجرى المرفوع . وقد أخرجه أبو الشيخ ابن حيان والديلمي وغيرهما من طريق محمد بن عبد الملك الدقيقي ، عن يزيد بن هارون ، بإسناده السابق ، عن أبي أمامة مرفوعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية