صفحة جزء
[ ص: 278 ] النوع الثامن والعشرون .

في معرفة الوقف والابتداء .

أفرده بالتصنيف خلائق ، منهم أبو جعفر النحاس ، وابن الأنباري ، والزجاج ، والداني ، والعماني ، والسجاوندي ، وغيرهم .

وهو فن جليل ، به يعرف كيف أداء القراءة .

والأصل فيه : ما أخرجه النحاس قال : حدثنا محمد بن جعفر الأنباري ، حدثنا هلال بن العلاء ، حدثنا أبي وعبد الله بن جعفر ، قالا : حدثنا عبد الله بن عمرو الزرقي ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن القاسم بن عوف البكري ، قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : لقد عشنا برهة من دهرنا ، وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن ، وتنزل السورة على محمد - صلى الله عليه وسلم - فنتعلم حلالها وحرامها ، وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم ، ولقد رأينا اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان ، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ، ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه .

قال النحاس : فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون الأوقاف كما يتعلمون القرآن .

وقول ابن عمر : ( لقد عشنا برهة من دهرنا ) يدل على أن ذلك إجماع من الصحابة ثابت .

قلت : أخرج هذا الأثر البيهقي في سننه .

وعن علي في قوله تعالى : ورتل القرآن ترتيلا [ المزمل : 4 ] قال : الترتيل : تجويد الحروف ومعرفة الوقوف .

قال ابن الأنباري : من تمام معرفة القرآن معرفة الوقف والابتداء فيه .

[ ص: 279 ] وقال النكزاوي : باب الوقف عظيم القدر ، جليل الخطر ; لأنه لا يتأتى لأحد معرفة معاني القرآن ولا استنباط الأدلة الشرعية منه إلا بمعرفة الفواصل .

وفي " النشر " لابن الجزري : لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد ، ولم يجز التنفس بين كلمتين حالة الوصل ، بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة ، وجب حينئذ اختيار وقفة للتنفس والاستراحة ، وتعين ارتضاء ابتداء بعده ، ويتحتم ألا يكون ذلك مما يحيل المعنى ولا يخل بالفهم ، إذ بذلك يظهر الإعجاز ، ويحصل القصد ، ولذلك حض الأئمة على تعلمه ومعرفته .

وفي كلام علي دليل على وجوب ذلك ، وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة .

وصح - بل تواتر - عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع أحد أعيان التابعين ، وصاحبه الإمام نافع ، وأبي عمرو ، ويعقوب ، وعاصم ، وغيرهم من الأئمة ; وكلامهم في ذلك معروف ، ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب .

ومن ثم اشترط كثير من الخلف على المجيز أن لا يجيز أحدا إلا بمعرفته الوقف والابتداء .

وصح عن الشعبي أنه قال : إذا قرأت : كل من عليها فان فلا تسكت حتى تقرأ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [ الرحمن : 26 - 27 ] .

قلت أخرجه ابن أبي حاتم .

التالي السابق


الخدمات العلمية